الكفاية من ان معنى الحديث هو رفع الحكم عن الموضوعات الضررية. وأما على ما اخترناه من ان معناه نفي الحكم الضرري في عالم التشريع فالإشكال مندفع من أصله ، لأن الضرر في موارد الجهل به لم ينشأ من الحكم الشرعي ليرفع بالدليل المزبور ، وانما نشأ من جهل المكلف به خارجا ، ومن ثم لو لم يكن الحكم ثابتا في الواقع لوقع في الضرر أيضا.
ويرد عليه : ان الاعتبار في دليل نفي الضرر انما هو بكون الحكم في نفسه أو بامتثاله ضرريا ، ولا ينظر في ذلك إلى الضرر المتحقق في الخارج وانه نشأ من أي سبب ، ومن الظاهر ان الطهارة المائية في المثال لو كانت واجبة في الشريعة لصدق أن الحكم الضرري مجعول فيها ، وعليه فدليل نفي الضرر ينفي وجوبه لو لا ما ذكرناه من اختصاصه بموارد الامتنان.
ثم لا يخفى ان الحكم بصحة الطهارة المائية في فرض الجهل بالضرر يبتني على أحد أمرين.
الأول : ان لا يكون الإضرار بالنفس محرما ما لم يبلغ إلى إلقائها في التهلكة ، ولم يكن مما علم مبغوضيته في الشريعة كقطع الأعضاء ونحوه.
الثاني : ان لا يكون النهي المتعلق بالعنوان التوليدي متعلقا بما يتولد منه ، فالإضرار بالنفس وان فرض حرمته مطلقا إلّا ان حرمته بناء على ذلك لا تسري إلى الطهارة المائية التي يتولد منها عنوان الإضرار ، فلا مانع من الحكم بصحتها وان كان الإضرار المتولد منه حراما بالفعل.
واما إذا لم نقل بشيء من الأمرين فالطهارة المائية وان لم يشملها دليل لا ضرر إلّا ان حرمتها الواقعية مانعة عن اتصافها بالصحّة ، ولا يكون الجهل بالحرمة موجبا للتقرب بما هو مبغوض واقعا ، ومن هنا ذكرنا في بحث اجتماع الأمر والنهي انه بناء على الامتناع وتقديم جانب الحرمة لا يحكم بصحة العبادة ولو في حال