١٠ ـ بصيرة فى مرأ ومرى ومزج ومزن
مرأ أى طعم. وما لك لا تمرأ : أى لا تطعم. ومرأنى الطعام يمرؤ مروءا (١). ومرأ الطعام نفسه ، ومرؤ ، ومرئ ـ مثلثة ـ : صار مريئا. وقال بعضهم : أمرأنى الطعام. وقال الفراء : هنأنى الطعام ومرأنى إذا تبعت هنأنى ، فإذا أفردوها قالوا : أمرأنى. وهو طعام ممرئ. قال تعالى : (فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً)(٢).
والمروءة : كمال المرء ، كما أن الرجوليّة كمال الرجل ، وهى فعولة من لفظ المرء ؛ كالفتوّة من الفتى. وحقيقتها : اتّصاف النفس بصفات الإنس التى فارق بها [الإنسان (٣)] الحيوان والبهيمة والشيطان الرجيم. فإن للنفس ثلاثة دواع : داع يدعوها إلى الاتّصاف بأخلاق الشيطان : من الكبر والحسد والبغى والفساد ؛ وداع يدعوها إلى أخلاق الحيوان ، وهو داعى الشهوة ؛ وداع يدعوها إلى أخلاق الملك : من الإحسان والنصح والبرّ والطاعة والعلم. فحقيقة المروءة : بغضة ذينك الداعيين وإجابة هذا الداعى الثالث. وقلّة المروة وعدمها : الاسترسال مع ذينك الداعيين [وعدم (٤)] إجابة الداعى الثالث ؛ كما قال بعض السلف : خلق الله الملائكة عقولا بلا شهوة ، وخلق البهائم شهوة بلا عقل ، وخلق الإنسان وركّبهما فيه ، فمن غلب عقله شهوته التحق بالملائكة ، ومن غلبت شهوته عقله التحق بالبهائم ، ولهذا قيل فى حدّ المروءة : إنها غلبة العقل للشهوة.
__________________
(١) الذى فى اللسان والقاموس : «المراءة».
(٢) الآية ٤ سورة النساء.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.
(٤) زيادة يقتضيها المقام.