٢٥ ـ بصيرة فى موت
الموت أنواع ، كما أنّ الحياة أنواع.
فمن الموت ما هو بإزاء القوّة النّامية الموجودة فى الإنسان والحيوان والنبات ، نحو قوله تعالى : (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً)(١) ، لم يقل : ميتة لأنّ الميت يستوى فيه المذكّر والمؤنث.
وموت هو زوال القوّة الحسّاسة ، قال تعالى : (وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا)(٢).
وموت هو زوال القوّة العاقلة ، وهى الجهالة ، قال تعالى : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ)(٣) ، وإيّاه قصد بقوله : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى)(٤).
وموت بالتشبّه (٥) ، وهو كل أمر جليل يكدّر العيش وينقص الحياة. وإيّاه قصد بقوله : (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ)(٦).
ومنها النوم ؛ كما (٧) يقال : النوم موت خفيف ، والموت نوم ثقيل ، وعلى هذا النحو سمّاه الله توفّيا ، قال الله تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها)(٨) ، وقد مات يموت ويمات أيضا. وأكثر من يتكلّم بها طيّئ. وقد تكلّم بها سائر العرب ، قال :
بنيّتى يا خيرة البنات |
|
عيشى ولا تأمن أن تماتى |
__________________
(١) الآية ٤٩ سورة الفرقان.
(٢) الآية ٦٦ سورة مريم.
(٣) الآية ١٢٢ سورة الأنعام.
(٤) الآية ٨٠ سورة النمل.
(٥) يريد أنه موت غير حقيقى ، ولكن أطلق عليه مجازا لشبهه بالموت الحقيقى.
(٦) الآية ١٧ سورة إبراهيم.
(٧) فى الأصلين : «ما».
(٨) الآية ٤٢ سورة الزمر.