٢٧ ـ بصيرة فى كلا
وهى ، عند سيبويه والخليل والمبرّد والزجّاج وأكثر نحاة البصرة ، حرف معناه الرّدع والزجر ، لا معنى له سواه ؛ حتى إنهم يجيزون الوقف عليها أبدا والابتداء بما بعدها ، حتى قال بعضهم : إذا سمعت / كلّا فى سورة فاحكم بأنها مكيّة ، لأن فيها معنى التهديد والوعيد ، وأكثر ما نزل ذلك بمكّة ؛ لأن أكثر العتوّ كان بها. وفيه نظر ؛ لأن لزوم المكّيّة إنما يكون عن اختصاص العتوّ بها لا عن غلبته. ثم إنه لا يظهر معنى الزجر فى كلّا المسبوقة بنحو (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ)(١) ، (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ)(٢)(ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ)(٣) ، وقول من قال : فيه ردع عن ترك الإيمان بالتصوير فى أىّ صورة شاء الله ، وبالبعث ، وعن العجلة بالقرآن ، فيه تعسف ظاهر. ثم إن أول ما نزل خمس آيات من أول سورة العلق ، ثم نزل : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى)(٤) فجاءت فى افتتاح الكلام. والوارد منها فى التنزيل ثلاثة وثلاثون موضعا كلها فى النصف الأخير.
ورأى الكسائىّ وجماعة أن معنى الردع ليس مستمرّا فيها ، فزادوا معنى ثانيا يصحّ عليه أن يوقف دونها ، ويبتدأ بها. ثم اختلفوا فى تعيين ذلك المعنى على ثلاثة أقوال : فقيل : بمعنى حقّا ، وقيل : بمعنى ألا الاستفتاحية ، وقيل : حرف جواب بمنزلة إى ونعم ، وحملوا عليه : (كَلَّا
__________________
(١) الآية ٨ سورة الانفطار
(٢) الآية ٦ سورة المطففين
(٣) الآية ٢٠ سورة القيامة
(٤) الآية ٦ سورة العلق.