وَالْقَمَرِ)(١) ، فقالوا : معناه : أي والقمر. وهذا المعنى لا يتأتّى فى آيتى (٢) المؤمنين والشعراء. وقول من قال بمعنى حقا لا يتأتّى فى نحو : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ)(٣) ، (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)(٤) ، لأنّ (إنّ) تكسر بعد ألا الاستفتاحية ، ولا تكسر بعد حقّا ولا بعد ما كان بمعناها ، ولأن تفسير حرف بحرف أولى من تفسير حرف باسم.
وإذا صلح الموضع للردع ولغيره جاز الوقف عليها والابتداء بها على اختلاف التقديرين. والأرجح حملها على الردع ؛ لأنه الغالب عليها ، وذلك نحو : (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً كَلَّا سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ)(٥) ، (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ)(٦).
وقد يتعيّن للردع أو الاستفتاح نحو : (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ)(٧) لأنها لو كانت بمعنى حقّا لما كسرت همزة إنّ ، ولو كانت بمعنى نعم لكانت للوعد بالرجوع ، لأنها بعد الطلب كما يقال : أكرم فلانا فتقول : نعم. ونحو : (قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ)(٨) ، وذلك لكسر إنّ ، ولأنّ نعم بعد الخبر للتصديق.
وقد يمتنع كونها للزجر والردع ، نحو : (وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ كَلَّا وَالْقَمَرِ)(٩) إذ ليس قبلها ما يصحّ ردّه.
__________________
(١) الآية ٣٢ سورة المدثر
(٢) آية المؤمنين هى قوله تعالى : (كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها) فى الآية ١٠٠ ، وآية الشعراء هى الآية ٦٢ وهى قوله تعالى : (كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي)
(٣) الآية ٧ سورة المطففين
(٤) الآية ١٥ سورة المطففين
(٥) الآيتان ٧٨ ، ٧٩ سورة مريم
(٦) الآيتان ٨١ ، ٨٢ سورة مريم
(٧) الآية ١٠٠ سورة المؤمنين
(٨) الآيتان ٦١ ، ٦٢ سورة الشعراء
(٩) الآيتان ٣١ ، ٣٢ سورة المدثر