٤ ـ بصيرة فى كبر
الكبير والصّغير من الأسماء المتضايفة. ويستعملان فى الكمّيّة المتّصلة كالأجسام ، وذلك كالكثير والقليل فى الكمّيّة المنفصلة كالعدد ؛ وربّما يتعاقب الكثير والكبير على شىء واحد بنظرين مختلفين ، نحو قوله تعالى : (قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ)(١) و (كثير) وقرئ (٢) بهما. وأصل ذلك أن يستعمل فى الأعيان ثم استعير فى (٣) المعانى نحو قوله : (لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها)(٤).
وقوله : (يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ)(٥) إنّما وصفه بالأكبر تنبيها أنّ العمرة هى الحجّة الصغرى ، كما قال صلىاللهعليهوسلم : «العمرة / هى الحجّ الأصغر» وقيل المراد بالحجّ الأكبر حجّة الوداع ؛ لأنّه لم يقع مثلها من حين خلق الله الكعبة إلى يوم القيامة ، فإنّه حضرها النبىّ صلىاللهعليهوسلم فى نحو من تسعين ألف صحابىّ. وقيل : الحجّ الأكبر بالنسبة إلى كلّ أحد حجّة يجتمع فيها بأحد من أكابر الأولياء والأقطاب الواصلين ، ويشمله نظره وبركته ودعاؤه خصوصا ، فذلك الحجّ الأكبر بالنّسبة إليه ؛ وقيل : إذا كان الوقوف بعرفة يوم جمعة ، وقيل غير ذلك.
ومن ذلك ما اعتبر فيه الزمان ، فيقال : فلان كبير أى مسنّ ، نحو
__________________
(١) الآية ٢١٩ سورة البقرة
(٢) قرأ بالثاء حمزة والكسائى ووافقهما الأعمش. وقرأ الباقون بالباء الموحدة.
(٣) فى الأصول : من
(٤) الآية ٤٩ سورة الكهف
(٥) الآية ٣ سورة التوبة