قوله : (وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ)(١). ومنه (٢) ما اعتبر فيه المنزلة والرفعة ، نحو قوله : (أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً)(٣) ، وقوله : (فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ)(٤) فسمّاه كبيرا بحسب اعتقادهم فيه لا لقدر ورفعة حقيقيّة ، وقوله : (أَكابِرَ مُجْرِمِيها)(٥) أى رؤساءها ، (إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ)(٦) أى رئيسكم. ومن هذا النّحو : ورثه كابرا عن كابر ، أى إنه عظيم القدر عن أب مثله.
والكبيرة متعارفة فى كل ذنب تعظم عقوبته ، والجمع : الكبائر. وقوله : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ)(٧) ، وقوله : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ)(٨) ، قيل : أريد بهما الشّرك لقوله (٩) : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(١٠) ، وقيل : هى الشرك وسائر المعاصى الموبقة كالزنى وقتل النّفس المحرّمة. وقيل : هى السّبع (١١) المنصوص عليها فى الحديث. وقيل : هى المذكورات فى أوّل سورة النّساء إلى قوله : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ) الآية. وقيل : الكبائر سبعون ، وقيل : سبعمائة. وقيل : كلّ ذنب ومعصية لله عزوجل كبيرة ، ولا صغائر فى الذنوب حقيقة ، وإنّما يقال لبعضها صغائر بالنّسبة إلى ما هى أعظم وأكثر منها.
__________________
(١) الآية ٤٠ سورة آل عمران
(٢) فى الأصلين : «معناه» وما أثبت من الراغب
(٣) الآية ١٩ سورة الأنعام
(٤) الآية ٥٨ سورة الأنبياء
(٥) الآية ١٢٣ سورة الأنعام
(٦) الآية ٤٩ سورة الشعراء
(٧) الآية ٣٢ سورة النجم
(٨) الآية ٣١ سورة النساء
(٩) فى الأصلين : «كقوله» ، وما أثبت من الراغب
(١٠) الآية ١٣ سورة لقمان
(١١) هى الواردة فى الحديث الذى رواه الشيخان وغيرهما كما فى الجامع الصغير ، وهو : «اجتنبوا السبع الموبقات : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولى يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات»