ويستعمل الكبير فيما يصعب ويشقّ على النّفس ، نحو قوله تعالى : (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ)(١). وقوله : (لَكَبِيرَةٌ) فيه تنبيه على عظم ذلك من بين الذنوب وعظم عقوبته ، ولهذا قال : (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ)(٢). وقوله : (تَوَلَّى كِبْرَهُ)(٣) إشارة إلى من تولّى حديث الإفك ، وتنبيه بأنّ من سنّ سنّة قبيحة يصير مقتدى بها فذنبه أكبر.
والكبر والتكبّر والاستكبار متقاربة. فالكبر حالة يتخصّص بها الإنسان من إعجابه بنفسه ، وأن يرى نفسه أكبر من غيره. وأعظم الكبر التكبّر على الله بالامتناع عن قبول الحقّ.
والاستكبار على وجهين : أحدهما : أن يتحرّى الإنسان ويطلب أن يكون كبيرا ، وذلك متى كان على ما يجب ، وفى المكان الّذى يجب ، وفى الوقت الّذى يجب فمحمود. والثانى : أن يتشبّع فيظهر من نفسه ما ليس له ، فهذا هو المذموم ، وعليه ورد القرآن الكريم وهو قوله تعالى : (أَبى وَاسْتَكْبَرَ)(٤) ، وقوله : (فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا)(٥) ، وقوله : (فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ)(٦) ، ونبّه بقوله (مُجْرِمِينَ) أن حاملهم على ذلك ما تقدّم من جرمهم ، وأنّ ذلك دأبهم لا أنه شىء حادث منهم.
والتكبّر على وجهين :
أحدهما : أن تكون الأفعال الحسنة كبيرة فى الحقيقة وزائدة على محاسن غيره ، وعلى هذا قوله تعالى : (الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ)(٧).
__________________
(١) الآية ٤٥ سورة البقرة
(٢) الآية ٣ سورة الصف
(٣) الآية ١١ سورة النور
(٤) الآية ٣٤ سورة البقرة
(٥) الآية ٤٧ سورة غافر
(٦) الآية ١٣٣ سورة الأعراف
(٧) الآية ٢٣ سورة الحشر