والثانى : أن يكون متكلّفا لذلك متشبّعا ، وذلك فى عامّة الناس ؛ نحو قوله تعالى : (يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ)(١). وكل من وصف بالتكبّر على الوجه الأوّل فمحمود دون الثانى ، ويدلّ على صحّة وصف الإنسان به (٢) / قوله : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ)(٣). والتّكبّر على المتكبّر صدقة.
والكبرياء : الترفّع عن الانقياد ، ولا يستحقه إلّا الله تعالى ، قال تعالى : «الكبرياء ردائى ، والعظمة إزارى ، فمن نازعنى فى شىء منهما قصمته (٤)».
وأكبرت الشىء : رأيته كبيرا ، قال تعالى : (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ)(٥) والتكبير يقال لذلك ، ولتعظيم الله بقول (٦) الله أكبر ، ولعبادته واستشعار بعظمته (٧). وقوله : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ)(٨) إشارة إلى ما فيهما من عجائب صنعه ، وغرائب حكمته التى لا يعلمها إلّا قليل ممّن وصفهم الله بقوله : (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٩). وقوله : (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى)(١٠) تنبيه أنّ جميع ما ينال الكافر من العذاب قبل ذلك فى الدّنيا وفى البرزخ صغير فى جنب عذاب ذلك اليوم.
__________________
(١) الآية ٣٥ سورة غافر
(٢) فى الراغب بعده : «ولا يكون مذموما»
(٣) الآية ١٤٦ سورة الأعراف
(٤) هذا حديث قدسى أخرجه مسلم وأبو داود كما فى تيسير الوصول. والرواية فيه : «عذبته» فى مكان «قصمته»
(٥) الآية ٣١ سورة يوسف
(٦) فى الراغب : «بقولهم» وهو أولى.
(٧) فى الراغب : «تعظيمه»
(٨) الآية ٥٧ سورة غافر
(٩) الآية ١٩١ سورة آل عمران
(١٠) الآية ١٦ سورة الدخان