لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ)(٦٠)
وقوله : (وَأَعِدُّوا ..) معطوف على ما قبله ، وهو من الإعداد بمعنى تهيئة الشيء للمستقبل ، والخطاب لكافة المؤمنين.
والرباط في الأصل مصدر ربط ، أى شد ، ويطلق ، بمعنى المربوط مطلقا ، وكثر استعماله في الخيل التي تربط في سبيل الله. فالإضافة إما باعتبار عموم المفهوم الأصلى ، أو بملاحظة كون الرباط مشتركا بين معان أخر كملازمة الثغور ، والمواظبة على الأمر ، فإضافته لأحد معانيه للبيان.
قال صاحب الكشاف : والرباط : اسم للخيل التي تربط في سبيل الله ، ويجوز أن يسمى بالرباط الذي هو بمعنى المرابطة ، ويجوز أن يكون جمع ربيط كفصيل وفصال ـ يقال نعم الربيط هذا ، لما يرتبط من الخيل (١).
والمعنى : عليكم ـ أيها المؤمنون ـ أن تعدوا لقتال أعدائكم ما تستطيعون إعداده من وسائل القوة على اختلاف صنوفها وألوانها وأسبابها.
وجاء ـ سبحانه ـ بلفظ (قُوَّةٍ) منكرا ، ليشمل كل ما يتقوى به في الحرب كائنا ما كان.
قال الجمل : وقوله (مِنْ قُوَّةٍ) في محل نصب على الحال ، وفي صاحبها وجهان : أحدهما أنه الموصول. والثاني : أنه العائد عليه ، إذ التقدير ما استطعتموه حال كونه بعض القوة ، ويجوز أن تكون (مِنْ) لبيان الجنس (٢).
وقوله : (وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ) معطوف على ما قبله من عطف الخاص على العام.
أى : أعدوا لقتال أعدائكم ، ما أمكنكم من كل ما يتقوى به عليهم في الحرب ، من نحو : حصون وقلاع وسلاح. ومن رباط الخيل للغزو والجهاد في سبيل الله.
وخص رباط الخيل بالذكر من بين ما يتقوى به ، لمزيد فضلها وغنائها في الحرب ، ولأن الخيل كانت الأداة الرئيسية في القتال في العهد النبوي ، وقوله : (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) بيان للمقصود من الأمر بإعداد ما يمكنهم إعداده من قوة.
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٢ ص ٢٣٢.
(٢) حاشية الجمل على الجلالين ج ٢ ص ٢٥٣.