٦ ـ مناسبتها لسورة الأنفال :
قال الآلوسى : ووجه مناسبتها للأنفال أن في الأولى قسمة الغنائم وجعل خمسها لخمسة أصناف على ما علمت ، وفي هذه قسمة الصدقات وجعلها لثمانية أصناف على ما ستعلم إن شاء الله.
وفي الأولى ـ أيضا ـ ذكر العهود وهنا نبذها. وأنه ـ سبحانه ـ أمر في الأولى بالإعداد فقال : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) ونعى هنا على المنافقين عدم الإعداد بقوله : (وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً).
وأنه ـ سبحانه ـ ختم الأولى بإيجاب أن يوالى المؤمنون بعضهم بعضا وأن يكونوا منقطعين عن الكفار بالكلية ، وصرح ـ جل شأنه ـ في هذه بهذا المعنى فقال : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ..).
إلى غير ذلك من وجوه المناسبة (١).
وقال صاحب المنار : وأما التناسب بينها وبين ما قبلها فإنه أظهر من التناسب بين سائر السور بعضها مع بعض ، فهي ـ أى التوبة ـ كالمتممة لسورة الأنفال في معظم ما فيهما من أصول الدين وفروعه والسنن الإلهية والتشريع وأحكام المعاهدات .. فما بدئ به في الأولى أتم في الثانية ، مثال ذلك.
١ ـ أن العهود ذكرت في سورة الأنفال ، وافتتحت سورة التوبة بتفصيل الكلام فيها ، ولا سيما نبذها الذي قيد في الأولى بخوف خيانة الأعداء.
٢ ـ تفصيل الكلام في قتال المشركين وأهل الكتاب في كل منهما.
٣ ـ ذكر في الأولى صد المشركين عن المسجد الحرام وأنهم ليسوا بأوليائه ، وجاء في الثانية (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ ...).
٤ ـ ذكر في أول الأولى صفات المؤمنين الكاملين ، وذكر بعد ذلك بعض صفات الكافرين ، ثم ذكر في آخرها حكم الولاية بين كل من الفريقين. وجاء في الثانية مثل هذا في مواضع أيضا (٢).
والحق أن الذي يقرأ السورتين بتأمل وتدبر يراهما تعطيانه ما يشبه أن يكون صورة تاريخية مجملة لدعوة النبي صلىاللهعليهوسلم وجهاده إلى أن أتم الله له نعمة النصر.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٠ ص ٣٦.
(٢) تفسير المنار ـ بتصرف وتلخيص ـ ج ١٠ ص ١٧٥. للسيد محمد رشيد رضا.