العصابة اليوم لا تعبد ، وأبو بكر يقول : يا رسول الله بعض مناشدتك ربك ، فإن الله منجز لك ما وعدك».
ثم خفق رسول الله صلىاللهعليهوسلم خفقة وهو في العريش ، ثم انتبه فقال : «أبشر يا أبا بكر ، أتاك نصر الله. هذا جبريل آخذ بعنان فرس .. يقوده على ثناياه النقع» ـ أى الغبار.
وكان قد رمى مهجع مولى عمر بن الخطاب بسهم فقتل ، فكان أول قتيل .. من المسلمين. ثم رمى حارثة بن سراقة وهو يشرب من الحوض بسهم فقتل.
ثم خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الناس فحرضهم وقال : «والذي نفس محمد بيده. لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا ، مقبلا غير مدبر ، إلا أدخله الله الجنة» ...
ثم إن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم أخذ حفنة من الحصباء فاستقبل قريشا بها ، ثم نفخهم بها وأمر أصحابه فقال : «شدوا» فكانت الهزيمة فقتل الله ـ تعالى ـ من قتل من صناديد قريش ، وأسر من أسر من أشرافهم ..
فلما وضع القوم أيديهم يأسرون ورسول الله صلىاللهعليهوسلم في العريش ، وسعد بن معاذ قائم على باب العريش الذي فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم متوشحا السيف في نفر من الأنصار يحرسون رسول الله يخافون عليه كرة العدو ، ورأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في وجه سعد الكراهية لما يصنع الناس ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «والله لكأنك يا سعد تكره ما يصنع القوم!».
فقال سعد : أجل والله يا رسول الله؟ كانت هذه أول موقعة أوقعها الله بأهل الشرك ، فكان الإثخان في القتل أحب إلى من استبقاء الرجال ..
ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأصحابه يومئذ : «إنى قد عرفت أن رجالا من بنى هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها ، ولا حاجة لهم بقتالنا ، فمن لقى منكم أحدا من بنى هاشم فلا يقتله ومن لقى أبا البحتري فلا يقتله ..
قال ابن إسحاق : ـ وبعد انتهاء المعركة ـ أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالقتلى من المشركين أن يطرحوا في القليب فلما طرحوا وقف عليهم فقال : «بئس العشيرة كنتم لنبيكم ـ يا أهل القليب ـ لقد كذبتموني وصدقنى الناس ، وأخرجتموني وآوانى الناس ، وقاتلتموني ونصرني الناس» ..
ثم قال : «هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ فإنى قد وجدت ما وعدني ربي حقا» فقال المسلمون : يا رسول الله! أتنادي قوما قد جيّفوا؟