أقواما لهم تعلق بالغنائم والأنفال ، وهم أقوام من الصحابة اشتركوا في غزوة بدر (١).
والأنفال جمع نفل ـ بفتح النون والفاء ـ كسبب وأسباب ـ وهو في أصل اللغة من النفل ـ بفتح فسكون ـ أى : الزيادة ، ولذا قيل للتطوع نافلة ، لأنه زيادة عن الأصل وهو الفرض وقيل لولد الولد نافلة ، لأنه زيادة على الولد. قال ـ تعالى ـ : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) (٢).
قال الآلوسى : ثم صار النفل حقيقة في العطية ، لأنها لكونها تبرعا غير لازم كان زيادة ، ويسمى به الغنيمة أيضا وما يشترطه الإمام للغازى زيادة على سهمه لرأى يراه سواء أكان لشخص معين أو لغير معين ، وجعلوا من ذلك ما يزيده الإمام لمن صدر منه أثر محمود في الحرب كبراز وحسن إقدام ، وغيرهما.
وإطلاقه على الغنيمة ، باعتبار أنها زيادة على ما شرع الجهاد له وهو إعلاء كلمة الله ، أو باعتبار أنها زيادة خص الله بها هذه الأمة ، أو باعتبار أنها منحة من الله ـ تعالى ـ من غير وجوب.
ثم قال : ومن الناس من فرق بين الغنيمة والنفل بالعموم والخصوص. فقيل : الغنيمة ما حصل مستغنما سواء أكان بتعب أو بغير تعب ، قبل الظفر أو بعده ، والنفل ما كان قبل الظفر ، أو ما كان بغير قتال وهو «الفيء».
والمراد بالأنفال هنا الغنائم كما روى عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، وابن زيد ، وطائفة من الصحابة وغيرهم (٣).
هذا ، وجمهور العلماء على أن المقصود من سؤال بعض الصحابة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الأنفال ـ أى الغنائم ـ إنما هو حكمها وعن المستحق لها ، فيكون المعنى :
يسألك بعض أصحابك يا محمد عن غنائم بدر كيف تقسم؟ ومن المستحق لها؟ قل لهم : الأنفال لله يحكم فيها بحكمه ـ سبحانه ـ وللرسول صلىاللهعليهوسلم فهو الذي يقسمها على حسب حكم الله وأمره فيها.
وفي هذه الإجابة على سؤالهم تربية حكيمة لهم ـ وهم في أول لقاء لهم مع أعدائهم حتى يجعلوا جهادهم من أجل إعلاء كلمة الله. أما الغنائم والأسلاب وأعراض الدنيا التي تأتيهم
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ج ٥ ص ١١٣ ، طبعة عبد الرحمن محمد ١٣٥٧ ه ١٩٣٨ م.
(٢) سورة الأنبياء الآية ٧٢.
(٣) تفسير الآلوسى بتصرف وتلخيص ج ٩ ص ١٦ طبعة منير الدمشقي.