عن أبى سعيد الخدري أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه ، قلنا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى؟ قال : فمن؟ (١).
أما الحديث الذي جاء فيه حذو القذة بالقذة ، فقد أخرجه الإمام أحمد عن شداد بن أوس ونصه : «ليحملن شرار هذه الأمة على سنن الذين خلوا من قبلهم. أهل الكتاب ، حذو القذة بالقذة» (٢).
٢ ـ يرى جمهور العلماء أن المقصود بالكنز في قوله ، تعالى ، (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها) .. ألخ المال الذي لم تؤد زكاته ، أما إذا أديت زكاته فلا يسمى كنزا ، ولا يدخل صاحبه تحت الوعيد الذي اشتملت عليه الآية.
وقد وضح الإمام القرطبي هذه المسألة فقال : واختلف العلماء في المال الذي أديت زكاته هل يسمى كنزا أولا؟.
فقال قوم : نعم. رواه أبو الضحى عن جعدة بن هبيرة عن على قال : أربعة آلاف فما دونها نفقة ، وما كثر فهو كنز وإن أديت زكاته ، ، ، ، ولا يصح.
وقال قوم : ما أديت زكاته منه أو من غيره عنه فليس بكنز ، قال ابن عمر : ما أديت زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين ، وكل ما لم تؤد زكاته فهو كنز وإن كان فوق الأرض.
ومثله عن جابر ، وهو الصحيح.
وروى البخاري عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته ، مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ، ثم يأخذ بلهزمتيه ـ يعنى شدقيه ـ ثم يقول : أنا مالك أنا كنزك ..».
وفيه أيضا عن أبى ذر قال : انتهيت إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «والذي نفسي بيده ، ما من رجل تكون له إبل أو بقر أو غنم ، لا يؤدى حقها ، إلا أتى بها يوم القيامة أعظم ما تكون وأسمنه ، تطؤه بأخفافها ، وتنطحه بقرونها ، كلما جازت أخراها ردت عليه أولاها حتى يقضى بين الناس».
فدل دليل خطاب هذين الحديثين على صحة ما ذكرنا. وقد بين ابن عمر في صحيح البخاري هذا المعنى. قال له أعرابى : أخبرنى عن قول الله. تعالى ـ (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ
__________________
(١) أخرجه الترمذي في باب ما ذكر عن بنى إسرائيل ، ج ٤ ص ٢٠٦ طبعة مصطفى الحلبي سنة ١٣٤٥ ه.
(٢) راجع المسند ج ٤ ص ١٢٥ ، طبعة عيسى الحلبي. تحقيق الأستاذ أحمد شاكر.