وبقوله صلىاللهعليهوسلم : «ثلاث من كن فيه فهو منافق ، وإن صلى وصام وزعم أنه مؤمن : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان» (١).
٢ ـ أن للإمام أن يمتنع عن قبول الصدقة من صاحبها إذا رأى المصلحة في ذلك ، اقتداء بما فعله الرسول صلىاللهعليهوسلم مع ثعلبة ، فإنه لم يقبل منه الصدقة بعد أن جاء بها.
قال الإمام الرازي : فإن قيل إن الله ـ تعالى ـ أمره ـ أى ثعلبة ـ بإخراج الصدقة فكيف يجوز من الرسول صلىاللهعليهوسلم أن لا يقبلها منه؟
قلنا : لا يبعد أن يقال أنه ـ تعالى ـ منع رسوله عن قبول الصدقة منه على سبيل الإهانة له ، ليعتبر غيره به ، فلا يمتنع عن أداء الصدقات.
ولا يبعد ـ أيضا ـ أنه إنما أتى بها على وجه الرياء لا على وجه الإخلاص وأعلم الله رسوله بذلك ، فلم يقبل تلك الصدقة لهذا السبب.
ويحتمل ـ أيضا ـ أنه ـ تعالى ـ لما قال : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) وكان هذا المقصود غير حاصل في ثعلبة مع نفاقة ، فلهذا السبب امتنع رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن أخذ تلك الصدقة (٢).
٣ ـ أن النفس البشرية ضعيفة شحيحة ـ إلا من عصم الله.
وأن مما يعين الإنسان على التغلب على هذا الضعف والشح ، أن يوطن نفسه على طاعة الله ، وأن يجبرها إجبارا على مخالفة الهوى والشيطان ، وأن يؤثر ما عند الله على كل شيء من حطام الدنيا ...
أما إذا ترك لنفسه أن تسير على هواها ، فإنها ستورده المهالك ، التي لن ينفع معها الندم ، وستجعله أسير شهواته وأطماعه ونفاقه إلى أن يلقى الله ، وصدق ـ سبحانه ـ حيث يقول : (فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ ، بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ).
ثم حكى ـ سبحانه ـ موقف هؤلاء المنافقين من المؤمنين الصادقين الذين كانوا يبذلون أموالهم في سبيل الله ، فقال ـ سبحانه :
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ج ٤ ص ٤٧٨. طبعة المطبعة الشرفية سنة ١٣٢٤ ه.
(٢) تفسير الفخر الرازي ج ٤ ص ٤٧٦. طبعة المطبعة الشرفية سنة ١٣٢٤ ه.