والضعفاء : جمع ضعيف ، وهو من ليس عنده القوة على القيام بتكاليف الجهاد ، كالشيوخ والنساء والصبيان ...
والمرضى : جمع مريض ، وهم الذين عرضت لهم أمراض حالت بينهم وبين الاشتراك في القتال ، وهؤلاء عذرهم ينتهى بزوال أمراضهم.
والمعنى : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ) العاجزين عن القتال لعلة في تكوينهم ، أو لشيخوخة أقعدتهم ، (وَلا عَلَى الْمَرْضى) الذين حالت أمراضهم بينهم وبين الجهاد (وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ) وهم الفقراء القادرون على الحرب ، ولكنهم لا يجدون المال الذين ينفقونه في مطالب الجهاد ، ولا يجدون الرواحل التي يسافرون عليها إلى أرض المعركة ، ليس على هؤلاء جميعا (حَرَجٌ) أى : إثم أو ذنب بسبب عدم خروجهم مع النبي صلىاللهعليهوسلم إلى تبوك لقتال الكافرين ...
وقوله : (إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) : بيان لما يجب عليهم في حال قعودهم.
قال الجمل : ومعنى النصح ـ هنا ـ أن يقيموا في البلد ، ويحترزوا عن إنشاء الأراجيف ، وإثارة الفتن ، ويسعوا في إيصال الخير إلى أهل المجاهدين الذين خرجوا إلى الغزو ، ويقوموا بمصالح بيوتهم ، ويخلصوا الإيمان والعمل لله ؛ ويتابعوا الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فجملة هذه الأمور تجرى مجرى النصح لله ورسوله ، (١).
وقوله : (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) استئناف مقرر لمضمون ما قبله.
والمحسنون. جمع محسن ، وهو الذي يؤدى ما كلفه الله به على وجه حسن.
والسبيل : الطريق السهل الممهد الموصل إلى البغية. ومن ، زائدة لتأكيد النفي.
أى : ليس لأحد أى طريق يسلكها لمؤاخذة هؤلاء المحسنين ، بسبب تخلفهم عن الجهاد ، بعد أن نصحوا لله ولرسوله ، وبعد أن حالت الموانع الحقيقية بينهم وبين الخروج للجهاد.
قال الآلوسى : والجملة استئناف مقرر لمضمون ما سبق على أبلغ وجه : وألطف سبك ، وهو من بليغ الكلام ، لأن معناه : لا سبيل لعاتب عليهم ، أى : لا يمر بهم العاتب ، ولا يجوز في أرضهم ، فما أبعد العتاب عنهم ، وهو جار مجرى المثل.
ويحتمل أن يكون تعليلا لنفى الحرج عنهم و (الْمُحْسِنِينَ) على عمومه. أى : ليس عليهم حرج ، لأنه ما على جنس المحسنين سبيل ، وهم من جملتهم (٢).
__________________
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٢ ص ٣٠٨.
(٢) تفسير الآلوسى ج ١٠ ص ١٥٨.