والشوكة في الأصل واحدة الشوك وهو النبات الذي له حد ، ثم استعيرت للشدة والحدة ، ومنه قولهم : رجل شائك السلاح أى : شديد قوى.
والمعنى : واذكروا ـ أيها المؤمنون ـ وقت أن وعدكم الله ـ تعالى ـ على لسان رسوله ـ ـ بأن إحدى الطائفتين : العير أو النفير هي لكم تظفرون بها ، وتتصرفون فيها تصرف المالك في ملكه ، وأنتم مع ذلك تودون وتتمنون أن تظفروا بالطائفة التي ليس معها سلاح وهي العير.
وعبر ـ سبحانه ـ عن وعده لهم بصيغة المضارع (يَعِدُكُمُ) مع أن هذا الوعد كان قبل نزول الآية ، لاستحضار صورة الموعود به في الذهن ، ولمداومة شكره ـ سبحانه ـ على ما وهبهم من نصر وفوز.
وإنما وعدهم ـ سبحانه ـ إحدى الطائفتين على الإبهام مع أنه كان يريد إحداهما وهي النفير ، ليستدرجهم إلى الخروج إلى لقاء العدو حتى ينتصروا عليه ، وبذلك تزول هيبة المشركين من قلوب المؤمنين.
وقوله (إِحْدَى) مفعول ثان ليعد ، وقوله : (أَنَّها لَكُمْ) بدل اشتمال من (إِحْدَى) مبين لكيفية الوعد.
أى : يعدكم أن إحدى الطائفتين كائنة لكم ، ومختصة لكم ، تتسلطون عليها تسلط الملاك ، وتتصرفون فيها كيفما شئتم.
وقوله : (وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ) معطوف على قوله : (يَعِدُكُمُ) أى : وعدكم ـ سبحانه ـ إحدى الطائفتين بدون تحديد لإحداهما ، وأنتم تحبون أن تكون لكم طائفة العير التي لا قتال فيها يذكر ، على طائفة النفير التي تحتاج منكم إلى قتال شديد ، وإلى بذل للمهج والأرواح.
وفي هذه الجملة تعريض بهم ، حيث كرهوا القتال ، وأحبوا المال ، وما هكذا يكون شأن المؤمنين الصادقين.
ثم بين لهم ـ سبحانه ـ أنهم وإن كانوا يريدون العير ، إلا أنه ـ سبحانه ـ يريد لهم النفير ، ليعلو الحق ، ويزهق الباطل ، فقال : (وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ ، وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ).
أى : ويريد الله بوعده غير ما أردتم ، (أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) أى أن يظهر الحق ويعلمه بآياته المنزلة على رسوله ، وبقضائه الذي لا يتخلف ، وأن يستأصل الكافرين ويذلهم ،