مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١٢٠) وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)(١٢١)
والمعنى : يا من آمنتم بالله واليوم الآخر .. اتقوا الله حق تقاته ، بأن تفعلوا ما كلفكم به. وتتركوا ما نهاكم عنه ، «وكونوا مع الصادقين» في دين الله نية وقولا وعملا وإخلاصا ؛ فإن الصدق ما وجد في شيء إلا زانه ، وما وجد الكذب في شيء إلا شانه.
قال القرطبي : حق من فهم عن الله وعقل عنه ؛ أن يلازم الصدق في الأقوال والإخلاص في الأعمال ، والصفاء في الأحوال ، فمن كان كذلك لحق بالأبرار ووصل إلى ربنا الغفار.
قال صلىاللهعليهوسلم «عليكم بالصدق فإن الصدق يهدى إلى البر وإن البر يهدى إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا».
والكذب على الضد من ذلك. قال صلىاللهعليهوسلم «إياكم والكذب ؛ فإن الكذب يهدى إلى الفجور ، وإن الفجور يهدى إلى النار. وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا».
فالكذب عار ، وأهله مسلوبو الشهادة ، وقد رد صلىاللهعليهوسلم شهادة رجل في كذبة كذبها.
وسئل شريك بن عبد الله فقيل له : يا أبا عبد الله ، رجل سمعته يكذب متعمدا ، أصلى خلفه؟ قال : لا (١).
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ٨ ص ٩٢٨.