إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ (١٢) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (١٣) ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ)(١٤)
قال القرطبي : قوله ـ تعالى ـ : (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ) الاستغاثة : طلب الغوث والنصر ، يقال : غوّث الرجل ، أى : قال وا غوثاه ، والاسم الغوث والغواث ، واستغاثني فلان فأغثته ، والاسم الغياث (١).
وقوله (مُمِدُّكُمْ) من الإمداد بمعنى الزيادة والإغاثة ، وقد جرت عادة القرآن أن يستعمل الإمداد في الخير ، وأن يستعمل المد في الشر والذم.
قال ـ تعالى ـ : (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ ، وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) (٢).
وقال ـ تعالى ـ : (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) (٣).
قال ـ تعالى ـ : (قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) (٤).
وقال ـ تعالى ـ : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (٥).
وقوله : (مُرْدِفِينَ) من الإرداف بمعنى التتابع.
قال الفخر الرازي : قرأ نافع وأبو بكر عن عاصم (مُرْدِفِينَ) ـ بفتح الدال ـ وقرأ
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ٧ ص ٣٧٠ ، مطبعة دار الكتب سنة ١٣٨٠ ه سنة ١٩٦٠ م.
(٢) سورة الشعراء ، الآيات ١٣٢ ـ ١٣٤.
(٣) سورة الإسراء ، الآية ٦.
(٤) سورة مريم ، الآية ٧٥.
(٥) سورة البقرة ، الآية ١٥.