على خير ومن سمع بي اليوم ولم يؤمن بي فقد هلك».
[٢ / ٢٢٨٢] وأخرج عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عبّاس في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ) إلى قوله : (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ..) فأنزل الله تعالى بعد هذا : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ)(١). (٢)
قال أبو جعفر : وهذا الخبر يدلّ على أنّ ابن عبّاس كان يرى أنّ الله جلّ ثناؤه كان قد وعد من عمل صالحا من اليهود والنصارى والصابئين ، على عمله ، في الآخرة الجنّة ، ثمّ نسخ ذلك بقوله : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ).
فتأويل الآية إذن على ما ذكرنا [أوّلا] عن مجاهد والسدّي : أنّ الّذين آمنوا من هذه الأمّة ، والّذين هادوا والنصارى والصابئين ، من آمن من اليهود والنصارى والصابئين بالله واليوم الآخر ، (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
والذي قلنا من التأويل الأوّل أشبه بظاهر التنزيل ، لأنّ الله جلّ ثناؤه لم يخصّص بالأجر على العمل الصالح مع الإيمان ، بعض خلقه دون بعض منهم ، والخبر بقوله : (مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) عن جميع ما ذكر في أوّل الآية (٣).
[٢ / ٢٢٨٣] وأخرج الواحدي عن مجاهد قال : لمّا قصّ سلمان على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قصّة أصحابه قال : هم في النار. قال سلمان : فأظلمت عليّ الأرض ، فنزلت : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا) إلى قوله (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) قال : فكأنّما كشف عنّي جبل (٤).
__________________
(١) آل عمران ٣ : ٨٥.
(٢) الطبري ١ : ٤٦١ / ٩٢٨ ـ ٩٢٩.
(٣) الطبري ١ : ٤٦١.
(٤) الدرّ ١ : ١٧٩ ؛ أسباب النزول : ١٤ ـ ١٥.