[٢ / ٢٤٠٥] وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت عن ابن عبّاس قال : كانت مدينتان في بني إسرائيل ، إحداهما حصينة ولها أبواب ، والأخرى خربة. فكان أهل المدينة الحصينة إذا أمسوا أغلقوا أبوابها ، فإذا أصبحوا قاموا على سور المدينة فنظروا هل حدث فيما حولها حادث ؛ فأصبحوا يوما فإذا شيخ قتيل مطروح بأصل مدينتهم ، فأقبل أهل المدينة الخربة فقالوا : قتلتم صاحبنا وابن أخ له شاب يبكي عليه ويقول : قتلتم عمّي. قالوا : والله ما فتحنا مدينتنا منذ أغلقناها ، وما لدينا من دم صاحبكم هذا! فأتوا موسى ، فأوحى الله إلى موسى (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) إلى قوله (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ).
قال : وكان في بني إسرائيل غلام شابّ يبيع في حانوت له ، وكان له أب شيخ كبير ، فأقبل رجل من بلد آخر يطلب سلعة له عنده فأعطاه بها ثمنا ، فانطلق معه ليفتح حانوته فيعطيه الذي طلب والمفتاح مع أبيه ، فإذا أبوه نائم في ظلّ الحانوت فقال : أيقظه. قال ابنه : إنّه نائم وأنا أكره أن أروّعه من نومته. فانصرفا فأعطاه ضعف ما أعطاه على أن يوقظه فأبى فذهب طالب السلعة. فاستيقظ الشيخ فقال له ابنه : يا أبت والله لقد جاء هاهنا رجل يطلب سلعة كذا ، فأعطى بها من الثمن كذا وكذا ، فكرهت أن أروّعك من نومك ، فلامه الشيخ ، فعوّضه الله من برّه بوالده أن نتجت من بقر تلك البقرة التي يطلبها بنو إسرائيل ، فأتوه فقالوا له : بعناها فقال : لا. قالوا : إذن نأخذ منك. فأتوا موسى فقال : اذهبوا فارضوه من سلعته. قالوا : حكمك؟ قال : حكمي أن تضعوا البقرة في كفّة الميزان وتضعوا ذهبا صامتا في الكفّة الأخرى ، فإذا مال الذهب أخذته ، ففعلوا وأقبلوا بالبقرة حتّى انتهوا بها إلى قبر الشيخ ، واجتمع أهل المدينتين فذبحوها ، فضرب ببضعة من لحمها القبر ، فقام الشيخ ينفض رأسه يقول : قتلني ابن أخي طال عليه عمري وأراد أخذ مالي ومات (١).
[٢ / ٢٤٠٦] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عبيدة السلماني قال : كان رجل من بني إسرائيل عقيما لا يولد له ، وكان له مال كثير ، وكان ابن أخيه وارثه ، فقتله ثمّ احتمله ليلا فوضعه على باب رجل منهم ، ثمّ أصبح يدّعيه عليهم حتّى تسلّحوا وركب بعضهم إلى بعض ، فقال ذوو الرأي منهم : علام يقتل بعضكم بعضا وهذا رسول الله فيكم؟
__________________
(١) الدرّ ١ : ١٨٦ ؛ كتاب من عاش بعد الموت : ٥٣ ـ ٥٦ / ٥٤ ؛ ابن عساكر ٦١ : ١٦٤ ـ ١٦٥.