أبو جعفر : هذه الكلمة سبّ بالعبرانيّة. (١)
***
وبعد فقد نهي المسلمون أن يستعملوا لفظة قد يستغلّها أعداء الإسلام ، وليستبدلوا بها من الألفاظ أحسنها ومن المعاني أرقّها وبهذه الصفة نهاهم عن التعبير بكلمة «راعنا» من الرعاية والالتفات ، وأن يقولوا بدلا منها ما يرادفها في اللغة ، من نحو قولهم : «انظرنا» أي ارفق بنا في الخطاب. وأمرهم بالسمع والطاعة ، وحذّرهم من مصير الكافرين وهو العذاب الأليم.
نعم ، كان سفهاء اليهود يميلون ألسنتهم في نطق هذا اللفظ ، وهم يوجّهونه للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى يؤدّي معنى آخر مشتقّا من الرعونه وما شابه ذلك يحتالون بذلك على سبّه عن هذا الطريق الملتوى ، الذي لا يسلكه إلّا صغار السفهاء! ومن ثمّ جاء النهي للمؤمنين عن لفظ يتّخذه اليهود ذريعة ، وأمروا أن يستبدلوا به مرادفه في المعنى ، حيث لا يملك السفهاء تحريفه وإمالته ، وليفوت على اليهود غرضهم السفيه الحقير.
وإليك من أحاديث السلف بهذا الشأن :
***
[٢ / ٢٩٠٥] أخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن عبّاس في قوله : (لا تَقُولُوا راعِنا) : وذلك أنّها سبّة بلغة اليهود. فقال تعالى : (قُولُوا انْظُرْنا) يريد اسمعنا ، فقال المؤمنون بعدها : من سمعتموه يقولها فاضربوا عنقه ، فانتهت اليهود بعد ذلك! (٢)
[٢ / ٢٩٠٦] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو نعيم في الدلائل عن قتادة في قوله : (لا تَقُولُوا راعِنا) قال : قولا كانت اليهود تقوله استهزاء فزجر الله المؤمنين أن يقولوا كقولهم. (٣)
[٢ / ٢٩٠٧] وأخرج ابن جرير عن ابن جريج : راعنا قول الساخر ، فنهاهم أن يسخروا من قول محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. (٤)
__________________
(١) مجمع البيان ١ : ١٧٨.
(٢) الدرّ ١ : ٢٥٢ ؛ الدلائل : ٤٤ / ٦ ؛ القرطبي ٢ : ٥٧.
(٣) الدرّ ١ : ٢٥٣ ؛ الطبري ١ : ٦٥٧ / ١٤٣٧ ؛ أبو الفتوح ٢ : ٩١ ـ ٩٢.
(٤) الطبري ١ : ٦٥٨ / ١٤٤٤ ؛ ابن كثير ١ : ١٥٣ ـ ١٥٤.