______________________________________________________
فان قلت : لعل وجه الاعراض عنها بناؤهم على الجمع بينها وبين الطائفة الأولى ، بالحمل على الأفضل. قلت : هو بعيد عن لسان تلك النصوص ـ ولا سيما مصحح عمر بن يزيد ـ فلا مجال لاحتمال ذلك منهم. ولأجل ذلك يشكل حمل نصوص المشهور على صورة التقية ، بشهادة ما رواه في الاحتجاج عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، في جملة من كتبه إلى صاحب الزمان ( عليه وعلى آبائه الكرام أفضل الصلاة والسلام ) : « أنه كتب إليه يسأله : عن الرجل يكون مع بعض هؤلاء ، ويكون متصلا بهم ، يحج ويأخذ عن الجادة ، ولا يحرم هؤلاء من المسلخ ، فهل يجوز لهذا الرجل أن يؤخر إحرامه إلى ذات عرق ، فيحرم معهم لما يخاف من الشهرة ، أم لا يجوز أن يحرم إلا من المسلخ؟ فكتب إليه في الجواب : يحرم من ميقاته ، ثمَّ يلبس الثياب ويلبي في نفسه ، فاذا بلغ الى ميقاتهم أظهره » (١). فان التوقيع الشريف المذكور إن دل على خلاف المشهور فهو أيضاً مطروح. على أن ظاهره تعين الإحرام من المسلخ ، فلا بد أن يحمل على الفضل ، ويكون المراد من قول السائل فيه « يجوز .. أم لا يجوز » من جهة ترك الأفضل.
بل من المحتمل أن ذلك مراد علي بن بابويه ، فإن الذي استظهر في الحدائق : أنه أفتى بمضمون الرضوي المحكي عنه : أنه (ع) قال فيه ـ بعد أن ذكر أن العقيق أوله المسلخ ، ووسطه غمرة ، وآخره ذات عرق ، وأن أوله أفضل ، ثمَّ ذكر المواقيت الأخرى ـ (٢) : « ولا يجوز تأخيره عن الميقات إلا لعلل أو تقية ، فإذا كان الرجل عليلا أو اتقى فلا بأس
__________________
(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب المواقيت حديث : ١٠.
(٢) مستدرك الوسائل باب : ١ من أبواب المواقيت حديث : ٢.