______________________________________________________
فمن المعلوم أن جهة السؤال فيه عما يصنع بالبدنة غير معلومة ، من حيث الوجوب ، أو الاستحباب ، أو هما. وأيضاً فإن أكثر المذكورات آداب وأيضاً فالأمر إنما كان بالتلبية في البيداء ، وسيأتي أن في كونها مستحبة حينئذ أو واجبة إشكالاً.
وبالجملة : استفادة وجوب التلبية من الأمر المذكور غير ظاهرة. ولا سيما بملاحظة ما تقدم في صحيحة معاوية الثانية ، الدالة على أن الاشعار والتقليد بمنزلة التلبية (١) ، فإن مقتضاه الاجتزاء بأحدهما عنها من حيث الوضع والتكليف ، فتكون حاكمة على أدلة الوجوب لو كانت. وأما كلمات الجماعة من القدماء ، فأما السيد وابن إدريس وابن حمزة وابن البراج والشيخ فحالهم معلوم ـ كما اعترف به في كشف اللثام ـ لما عرفت من بنائهم على عدم انعقاد الإحرام إلا بها اختياراً مطلقاً. وأما ما حكاه عن القواعد والمراسم ، مما يدل على وجوب التلبية حتى مع الاشعار والتقليد فغير ظاهر في ذلك. فلاحظ عبارتهما. ولا سيما مع اشتمالها على المندوبات واحتمال أن يكون مذهبهم فيها مذهب الشيخ وابني حمزة والبراج. وكيف كان ، فالعمدة في دعوى الوجوب الدليل ، وهو غير ظاهر.
هذا بالنسبة إلى التلبية ، وأما الاشعار والتقليد بعد التلبية ، فقد حكي في كشف اللثام : الاتفاق على عدم وجوبهما. للأصل ، وصحيح معاوية ابن عمار عن الصادق (ع) : « في رجل ساق هدياً ، ولم يقلده ، ولم يشعره. قال (ع) : قد أجزأ عنه. ما أكثر ما لا يقلد ولا يشعر ولا يحلل » (٢). فلا مجال لاحتمال قوله بالوجوب ، كما قد تشعر به عبارته السابقة.
__________________
(١) الوسائل باب : ١٢ من أبواب أقسام الحج حديث : ١١.
(٢) الوسائل باب : ١٢ من أبواب أقسام الحج حديث : ١٠.