فالأفضل أن يأتي بها حين النية ولبس الثوبين سراً ، ويؤخر الجهر بها الى المواضع المذكورة. والبيداء : أرض مخصوصة بين مكة والمدينة ، على ميل من ذي الحليفة نحو مكة [١].
______________________________________________________
أو لخصوص الراكب ـ كما في الشرائع والقواعد وعن غيرهما ـ وأما الماشي فيجهر بها في الميقات. الثاني : البناء على صحة الإحرام بلا تلبية ، فيكون الإحرام من الميقات لكن بلا تلبية ، فلا يلزم المحذور المتقدم. الثالث : حمل روايات تأخير التلبية على التلبية المستحبة والإكثار منها. وهذا هو الأقرب ، فإن الروايات واردة في التلبية في فرض حصول الإحرام ، فلا تعرض فيها للتلبية التي بها قوام الإحرام. وقد عرفت : أن الوجه الثاني خلاف المرتكزات الشرعية. والأول بعيد جداً عن ظاهر النصوص ، فإنها كالصريحة في أصل التلبية ، لا الإجهار بها.
وبالجملة : الأقرب ـ في وجوب التخلص من المحذور ـ حمل الروايات على استحباب تأخير التلبية المستحبة بعد عقد الإحرام بها ، لا التلبية التي بها عقد الإحرام. وأما وجه الجمع بين النصوص ـ بعد حملها على هذا المعنى ـ : فالأقرب هو الأخذ بإطلاق نصوص التأخير وحملها على كراهة التقديم ، جمعاً بينها وبين ما دل على جواز التقديم. والبناء على تأكد الكراهة في الراكب ـ ولا سيما مع الجهر ـ بشهادة صحيح عمر بن يزيد (١). هذا ما يقتضيه التأمل عاجلاً. والله سبحانه العالم العاصم الحاكم ، وهو حسبنا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
[١] كما عن السرائر ، والتحرير ، والتذكرة ، والمنتهى ، وغيرها.
__________________
(١) الوسائل باب : ٣٤ من أبواب الإحرام حديث : ١ وباب : ٤٦ من أبواب الإحرام حديث : ٢. وقد تقدم ذكر الروايتين قريباً. فلاحظ.