وتبرأ ذمة المنوب عنه على ما هو الأقوى : من عدم كون الأمر بالشيء نهياً عن ضده. مع أن ذلك ـ على القول به ، وإيجابه للبطلان ـ إنما يتم مع العلم والعمد ، وأما مع الجهل والغفلة فلا بل الظاهر صحة الإجارة أيضاً على هذا التقدير ، لأن البطلان إنما هو من جهة عدم القدرة الشرعية على العمل المستأجر عليه حيث أن المانع الشرعي كالمانع العقلي ، ومع الجهل أو الغفلة لا مانع ، لأنه قادر شرعاً [١].
______________________________________________________
بها فلا قصد للنيابة فيه ، فلا يصح لانتفاء القصد اليه. وحينئذ لا يستحق الأجرة المسماة ، لبطلان الإجارة ، ولا أجرة المثل بقاعدة : « ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده » ، لبطلان الحج ولا أجرة للباطل. وقد تقدم في المسألة الواحدة والثلاثين (١) من الفصل السابق : أن الوفاء ملحوظ قيداً على نحو وحدة المطلوب. اللهم إلا أن يكون في المقام بحكم تعدد المطلوب. فراجع.
[١] القدرة الشرعية منتزعة من ترخيص الشارع ، فاذا كان الفعل مرخصاً فيه شرعاً فهو مقدور شرعاً. كما أن القدرة العقلية منتزعة من ترخيص العقل ، فاذا كان الفعل مرخصاً فيه عقلاً فهو مقدور عقلاً. وحينئذ يجتمعان ـ بأن يكون الفعل مرخصاً فيه شرعاً وعقلاً ـ كما لو علم المكلف بجواز الفعل ، فإنه مرخص فيه شرعاً وعقلاً. وقد يكون الشيء مرخصاً فيه شرعاً غير مرخص فيه عقلا ، كما لو اعتقد بحرمة شيء خطأ وكان جائزاً شرعاً ، فان الترخيص الشرعي الواقعي يستتبع القدرة الشرعية. لكن القطع بالحرمة مانع من ترخيص العقل ، فلا يكون مقدوراً
__________________
(١) راجع صفحة : ٣٦١ من الجزء : ١٠ من هذه الطبعة.