يحبون وإنما هو دليل على الغضب عليهم وليس فيه دليل على أنه لا يكلمهم بما يسوؤهم لأنه قد دل في موضع آخر فقال (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) وقال (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ) وقيل أي لا يكلمهم أصلا والملائكة تسائلهم بأمر الله ويتأول قوله (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) على أن الحال دالة على ذلك والجواب الصحيح أنه تعالى نفى النطق المسموع المقبول الذي ينتفعون به ويكون لهم في مثله عذرا وحجة ولم ينف النطق الذي ليست هذه حاله ويجري هذا مجرى قولهم خرس فلان عن حجته وحضرنا فلانا يناظر فلانا فلم نقل شيئا وإن كانا قد تكلمنا بكلام كثير كما قال تعالى (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ) وقال الشاعر : أصم عما ساه سميع.
قوله سبحانه :
(وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) قيل إنهم غير مأمورين بالاعتذار فكيف يعتذرون يحمل الإذن على الأمر وإنما لم يؤمروا به من حيث كانت تلك الحال لا تكليف فيها والعباد ملجئون عند مشاهدة أحوالها عند الاعتراف والإقرار ويحمل يؤذن لهم على معنى أنه لا يستمع لهم ولا يقبل عذرهم والعلة في امتناع قبول العذر ما ذكرناه التقدير لا ينطقون بنطق ينفعهم ولا يعتذرون بعذر ينفعهم فيكون يعتذرون داخلا في حيز النفي. ولا يمكن حمله على الإيجاب إلا إذا كان المعنى على أنهم لا ينطقون بنطق ينفعهم لأنه إن حمل على الظاهر كان في الكلام تناقض لأن الاعتذار نطق وإن شئت كان التقدير لا ينطقون بحال ولا يعتذرون لأن هناك مواقف يكون هذا في موقف منها وفي قراءة الحسن والثقفي لا يقضى عليهم فيموتون معطوف على يقضى أي لا يقضى عليهم فلا يموتون كذلك (لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) أي فلا يعتذرون.
قوله سبحانه :
(وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) وقال (لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ) الجمع بينهما أن يقال لا ينظر إليهم أي لا يعطف عليهم بخير وهو يراهم كما يقال انظر إلي نظر الله إليك وانظر إلينا نظر رحمة.
قوله سبحانه :
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ) الضحك والاستبشار إذا