وَيْحَكَ هِيَ هِيَ وَهِيَ غَيْرُهَا فَقَالَ أَعْقِلْنِي هَذَا الْقَوْلَ فَقَالَ ع أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً كَسَرَ لَبِنَةً ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهَا مَاءً وَجَبَلَهَا ثُمَّ رَدَّهَا إِلَى هَيْئَتِهَا الْأُولَى لَمْ يَكُنْ هِيَ هِيَ وَهِيَ غَيْرُهَا فَقَالَ بَلَى أَمْتَعَ اللهُ بِكَ. وقال الجبائي والبلخي والزجاج إن الله تعالى يبدلها أي يعيدها إلى الحالة الأولى التي كانت عليها غير محترقة وقال المغربي لا نقول إن الله تعالى يعدم الجلود بل إنه يجددها ويطريها بما يفعل فيها من المعاني التي تعود إلى حالتها يقال أبدلت الشيء بالشيء إذا أبدلت عينا بعين قال الله تعالى (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) لأن الشيء إذا جعل على حالته يقال جعلت شيئا كالأول ويحتمل أن يخلق الله لهم جلدا آخر فوق جلودهم فإذا احترق التحتاني أعاده الله وهكذا يتعقب الواحد الآخر ويحتمل أن يخلق الله لهم جلدا يعذبهم فيه كما يعذبهم في سرابيل القطران قال الرماني إن الله تعالى يجدد لهم جلودا غير الجلود التي احترقت ويعدم المحترقة على ظاهر القرآن من أنها غيرها لأنها ليست بعض الإنسان.
قوله سبحانه :
(لا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها) وقوله (لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ) من عذابها لا يناقضهما قوله (كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) لأنه ليس فيه أنها تخبو عنها بزيادة السعير كقوله (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها) يعني متى راموا الخروج منعوا من ذلك والمعنى الجامع بينها أنه لا يخفف عنهم من عذابها الذي وضع عليهم شيء.
قوله سبحانه :
(خالِدِينَ فِيها أَبَداً) لا يناقضه قوله (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) لأن الأحقاب جمع والجمع لا غاية له وليس فيه أن لا يلبثوا أكثر من ذلك.
قوله سبحانه :
(عَذابٌ غَلِيظٌ) والغليظ العظيم الجثة الكثيف وإنما وصفه بذلك لأنه بمنزلته في الثقل على النفس وطول المكث.
قوله سبحانه :
(عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) وصف اليوم بالإحاطة وهو من نعت العذاب لأن اليوم محيط بعذابه بدلا من إحاطته بنفسه.