الموضع جائز تقول مررت بزيد وعمرا ولست بقاعد ولا قائما قال الشاعر :
معاو إننا بشر فأسجح |
|
فلسنا بالجبال ولا الحديدا |
وهي في القراءتين جميعا معطوفة على الرءوس والعطف من حقه أن يكون على أقرب مذكور دون أبعده لأنه تعسف والمصحف منزه منه وحمل الأرجل في النصب على أن تكون معطوفة على الرءوس أولى من حملها على أن تكون معطوفة على الأيدي لأن الجر في الآية موجب المسح لأنه عطف على الرءوس ومن جعل النصب لعطف الأرجل على موضع الرءوس أوجب المسح الذي أوجبه الجر فكان مستعملا للقراءتين جميعا ومن استعملهما فهو أسعد ممن استعمل إحداهما ثم إن الحمل على المجاورة خطأ لأن الإعراب بالمجاورة شاذ وأنما ورد في مواضع لا يتعدى إلى غيرها والمجاورة لا يكون معها حرف عطف لأنه حائل بين الكلامين مانع بينهما ووجود واو العطف في قوله (وَأَرْجُلَكُمْ) دلالة على بطلان دخول المجاورة فيه وصحة العطف والإعراب بالجوار أنما يستحسن الشبهة في المعنى فلا يجوز والحال هذه حمل كتاب الله عليه وفي غريب الحديث عن أبي عبيد والزمخشري أن النبي ص أتى كظامة قوم فتوضأ ومسح على قدميه.
قوله سبحانه :
(إِلَى الْكَعْبَيْنِ) الكعبان هما العظمان النابتان في وسط القدم باتفاق أهل اللغة كقولهم كعب كل شيء ما علا منه وكان في وسطه يقال فلان كعب قومه ومنه سميت الكعبة وكعب الأحبار والكعبتين والكعوبة وعليه إجماع الفرقة المحقة قَالَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ مَيْسَرَةَ عَنِ الْبَاقِرِ ع ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى ظَاهِرِ الْقَدَمِ وَقَالَ هَذَا هُوَ الْكَعْبُ قَالَ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى أَسْفَلِ الْعُرْقُوبِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الطُّنْبُوبَ هَذَا هُوَ. ووافقنا فيه محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة وقوله (إِلَى الْكَعْبَيْنِ) يدل أن في كل رجل كعبا واحدا ولو كان كما تقول العامة لقال إلى الكعاب ويدل عليه أيضا قوله (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) أدخل فيه الباء والفعل متعد لا يحتاج إليها فلا بد لها من فائدة يخرج به من العبث وليس ذلك إلا إيجاب التبعيض فإذا وجب تبعيض طهارة الرءوس وجب أيضا في الأرجل بحكم العطف وكل من أوجب التبعيض ذهب إلى مقالنا.
قوله سبحانه :
(فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) فأوجب غسل الوجه