بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
فصل
قوله تعالى : في قصة نبينا ع (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) وقوله (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) وقوله (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) وقوله (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) قَالَ صَفْوَانُ الْجَمَّالُ جَاءَ زِنْدِيقٌ إِلَى هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ فَقَالَ مَنْ أَشْعَرُ النَّاسِ قَالَ إِمْرُؤُ الْقَيْسِ قَالَ أَجَلْ فَبِأَيِّ شَيْءٍ قَالَ بِقَوْلِهِ قَفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلٍ قَالُوا لَوْ كَرَّرَ هَذَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ مَا يَكُونُ عِنْدَكَ قَالَ مَجْنُونٌ قَالَ فَكَيْفَ لَا تُجَنِّنْ نَبِيَّكَ إِذْ جَاءَ بِ (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) السُّورَةَ فَقَالَ وَرَاءَكَ الْبَابُ فَإِنَّ لِي شُغُلاً وَرَحَلَ مِنْ سَاعَتِهِ إِلَى الصَّادِقِ ع وَحَكَى لَهُ جَمِيعَ ذَلِكَ فَقَالَ ع لَيْسَ عَلَى مَا ظَنَّهُ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ اجْتَمَعُوا إِلَى النَّبِيِّ ع فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ اعْبُدْ إِلَهَنَا يَوْماً نَعْبُدُ إِلَهَكَ عَشْراً وَاعْبُدْ إِلَهَنَا شَهْراً نَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) يَوْماً (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) عَشْراً (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) شَهْراً (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) سَنَةً (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) فَذَكَرَ هِشَامُ لِلزِّنْدِيقِ فَقَالَ لَيْسَ هَذَا مِنْ خَزَانَتِكَ هَذَا مِنْ خِزَانَةِ غَيْرِكَ. وقال ثعلب إنما حسن التكرار لأن تحت كل لفظة معنى ليس هو تحت الأخرى وتلخيص الكلام (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) الساعة وفي هذه الحالة (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) في هذه الحال أيضا واختص الفعلان منه ومنهم بالحال وقال من بعد (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) في المستقبل (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) فيما تستقبلون فاختلف المعاني وحسن التكرار لاختلافها وقال الفراء التكرار للتأكيد كقول المجيب مؤكدا بلى بلى والممتنع لا لا قال الشاعر : كم نعمة كانت لكم كم كم وكم. وقال ابن قتيبة جاء المشركون إلى النبي فقالوا له استلم بعض أصنامنا حتى نؤمن بك ونصدق بنبوتك فأمره الله بأن يقول لهم (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ. وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) ثم عبروا برهة من الزمان وجاءوه فقالوا له اعبد بعض آلهتنا واستلم بعض أصنامنا يوما أو شهرا أو حولا لنفعل مثل ذلك بإلهك فأمره