الله بأن يقول (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) أي إن كنتم لا تعبدون إلهي إلا بهذا الشرط فإنكم لا تعبدون أبدا والجواب القريب أنني لا أعبد الأصنام التي تعبدونها (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) أي أنتم غير عابدين الله الذي أنا عابده إذ أشركتم به واتخذتم الأصنام وغيرها معبودة من دونه وإنما يكون عابدا من أخلص العبادة له دون غيره وأفرده بها وقوله (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) أي لست أعبد عبادتكم وما في قوله (ما عَبَدْتُّمْ) في موضع المصدر كما قال (ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) يريد بفرحكم ومرحكم ومعنى قوله (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) أي لستم عابدين عبادتي ولم يتكرر الكلام إلا لاختلاف المعاني.
قوله سبحانه :
(لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) ٦ ١٠٩ ليس بإباحة وإطلاق وإنما هو تهديد وزجر كقوله واستفزز من استطعت منهم ومعناه لكم جزاؤكم ولي جزائي لأن الدين هو الجزاء
قوله سبحانه :
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) فكأنه قيل لهم يجب عليكم الركوع لله تعالى فاركعوا فأخبر عنهم أنهم لا يركعون تكذيبا لهذا الخبر فلهذا عقيب ذلك جاء (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) وكذلك الآيات الأخر.
قوله سبحانه :
(وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً) لا يجوز عند أحد أن يمنع من سماع الأدلة مع التكليف ولا بد أن يبين للجميع ما كلفهم فوجب أن يسمعهم القرآن لثبوت التكليف وكان النبي ص يتحد الكفار بقراءته وقد ذم الله تعالى من منع من استماعه قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ) ووبخهم لترك تلاوته قوله (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) وإنه قال (حِجاباً مَسْتُوراً) والحجاب يكون ساترا لا مستورا فيحمل أن يريد به مستورا أنت به ومستورا حالا وأنه أخبر أنه يصرف الآيات وقوله (وَصَرَّفْنا فِيهِ فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) ويدل أنهم كانوا غير ممنوعين لأن في عقيبها (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ).
قوله سبحانه :
(إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) والكافرون كانوا