يقرفونه بأنه ساحر المراد إن تتبعون إلا رجلا متغير العقل لأن المشركين كان من مذهبهم عيب النبي ص فكانوا ينسبونه إلى أنه ساحر ومجنون ومسحور ومتغير العقل وربما قرفوه بأنه شاعر وقد جرت عادة الناس بأن يصفوا من يضيفونه إلى البله والغفلة وقلة التحصيل بأنه مسحور والمسحور المخدوع المعلل لأن ذلك أحد ما يستعمل فيه قال أمية بن الصلت :
فإن تسألينا فيم نحن فإننا |
|
عصافير من هذا الأنام المسحر |
والسحر في لغة العرب الرئة وقالوا الكبد فكان المعنى على هذا إن تتبعون إلا رجلا ذا سحر خلقه الله بشرا كخلقكم والمسحور جاء بمعنى الساحر قال الله تعالى (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً) أي ساترا ومنه قولهم فلان مشوم على فلان وميمون وهم يريدون شائم له ويأمن لأنه من شامهم ويمنهم وهذا ضعيف لأن من لحقه الشؤم يسمى مشوما
فصل
قوله تعالى : (وَوَجَدَكَ ضَالًّا) أي عن النبوة أو عن الشريعة فهداك إليها خرج مخرج الامتنان ولا بد من تقدير محذوف يتعلق به الضلال لأن الضلال هو الذهاب والانصراف ولا بد من أن يكون منصرفا عنه ومن قال إنه أراد الذهاب عن الدين يقدر هذه اللفظة ثم يحذفها ليتعلق بها لفظة الضلال وليس هو بذلك أولى منا بما قدرناه وحذفناه ثم إنه أراد الضلال عن المعيشة وطريق التكسب أو ضالا بين مكة والمدينة عند الهجرة أو مضلولا عنك في قوم لا يعرفون حقك فهداهم إلى معرفتك وأرشدهم إلى قصدك يقال فلان ضال في قومه وبين أهله إذا كان مضلولا عنه وقيل وجدك لا تعرف الشرع فهداك إليه وقيل وجدك في قوم يخالفونك فكأنك واحد.
قوله سبحانه :
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) ليس فيها ما يدل على الخرافة التي ذكروها وتقتضي التلاوة كما قال حسان:
تمنى كتاب الله أول ليلة |
|
وآخره لا في الحمام المقادر |
فإن أراد التلاوة فالمراد أن من أرسل قبلك من الرسل كان إذا تلا ما يؤديه إلى قومه حرفوه عليه بزيادة أو نقصان وأضاف ذلك إلى الشيطان لأنه يقع بوسوسته وغروره وإن كان المراد تمني القلب فالشيطان متى تمنى بقلبه بعض ما يتمناه من الأمور يوسوس إليه الباطل ويحدثه بالمعاصي ويغريه