لأنه كان شاكا لكن لبعض المصالح الراجعة إلى الدين إما لشيء يخصه أو يتعلق ببعض الملائكة الحاضرين معه.
قوله سبحانه :
(قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) الصحيح أن شريعة نبينا ناسخة لشريعة كل من تقدم من الأنبياء وأن نبينا لم يكن متعبدا بشريعة من تقدم وأنما وافقت شريعته شريعة إبراهيم فلذلك قال (فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) وإلا فالله تعالى هو الذي أوحى بها إليه فإن قيل إذا كانت الشرائع بحسب المصالح فكيف رغب في شريعة الإسلام بأنها ملة إبراهيم قلنا لأن المصالح إذا وافقت ما تميل إليه النفس ويتقبله العقل بغير كلفة كانت أحق بالرغبة كأنها إذا وافقت الغنى بدلا من الفقر كانت أعظم في النعمة وكان المشركون يميلون إلى اتباع ملة إبراهيم فلذلك خوطبوا بذلك والحنيف المسلم والحنيفة الشريعة وأصل الحنف الاستقامة.
قوله سبحانه :
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ) ليس في ظاهرها ما يقتضي عتابا وكيف يعاتبه الله تعالى على ما ليس بذنب لأن تحريم الرجل بعض نسائه لسبب أو لغير سبب ليس بقبيح ولا داخل في جملة الذنوب فأكثر ما فيه أنه مباح لا يمتنع أن يكون قوله (لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ) خرج مخرج التوجه له من حيث تحمل المشقة في إرضاء زوجاته وإن كان ما فعل قبيحا ولو أن أحدنا أرضى بعض نسائه بتطليق أخرى أو تحريمها لحسن أن يقال له لم فعلت ذلك وإن كان ما فعل قبيحا.
قوله سبحانه :
(لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ) وقوله (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) أما الآية الأولى فقد يشهد الله تعالى بكونها له وحصل الإجماع أن النبي ص لما أتى المدينة اشترى مكانا يسمى مربدا وجعله بيوتا ومسجدا وَرَوَى الطَّبَرِيُّ وَالْبَلاذِرِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ خَبَراً يَذْكُرُ فِيهِ وَدَاعَ النَّبِيِّ ص قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ ص إِذَا غَسَّلْتُمُونِي وَكَفَّنْتُمُونِي فَضَعُونِي عَلَى سَرِيرِي فِي بَيْتِي. هذا الخبر وأما قوله (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) يستعمل من جهة السكنى لا الملك يقال هذا بيت فلان ومسكنه وفي التنزيل (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ