قوله سبحانه :
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) وقوله (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ) و (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ) وقوله حكاية عن الكفار (إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ. فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) وزعموا أنه سئل عن هذه المسائل في القرآن فلم يجب بجواب مفيد وإن الامتناع منها والتعليل للجمل بها أما الأول فإنهم كانوا سألوه فقال ما هذا الذي تدعى أنه من الله وما المعنى فيه فأجاب أنه أمر الله لعباده وتكليفه إياهم بأوامره ونواهيه يدل على ذلك تكريره في مواضع فقال (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ) وقال قبل الآية (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَ) وعقيبها (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُ) وقال الحسن القرآن من أمر ربي وما أنزله على نبيه إلا ليجعله دلالة وعلما على صدقه وليس من فعل المخلوقين ولا يدخل في إمكانهم قال الجبائي قالت اليهود لكفار قريش سلوا محمدا عن الروح فإن أجابكم فليس بنبي وإن لم يجبكم فهو نبي فإنا نجده في كتبنا ذلك فأمره بالعدول عن ذلك لتكون دلالة على صدقه تكذيبا لليهود الرادين عليه وإنهم سألوه عن الروح هل هي محدثة أو قديمة فأجابهم بأنها أمر ربي وهذا جوابهم لأنه لا فرق بين أن يقول إنها محدثة أو يقول إنها من أمر ربي وقال المرتضى إنما عدل عن جوابهم لعلمه بأن ذلك أدعى لهم إلى الصلاح في الدين وأن الجواب لو صدر منه إليهم لازدادوا فسادا وعنادا إذ كانوا بسؤالهم متعنتين لا مستفيدين وأما الثاني فجوابه في قوله (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) خصوصية به تعالى لأنه علم الغيب وأما الثالث فجوابه (قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ) دينية ودنياوية مثل الصلاة والزكاة والصوم والحج والأعياد والتواريخ وأزمان الأنبياء والملوك والإجارات والديون والزراعات وإبان النتاج وأوان الصرام والقطاف والحصاد والعمارات وأما الرابع فجوابه أن من تجاهل في الحجاج الذي يجري مجرى الشغب الذي لا يعتقد بمثله مذهب أو هي الشبهة فيه فإنه ينبغي أن يعدل عن مقابلته إلى الوعظ له بما هو أعود عليه فلهذا عدل تعالى عنهم إلى هذا الوعيد الشديد وقال أهؤلاء الكفار (خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ) لما جحدوا الآيات وكفروا بنعم الله فما الذي يؤمن هؤلاء من مثل ذلك.
قوله سبحانه :
(لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ) قال مجاهد وابن زيد أي لا خصومة بيننا وبينكم