لم يفرق بين الأمرين وإذا ثبت ذلك ثبت توجه الآية إلى أئمتنا ع.
قوله سبحانه :
(فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فأمر سبحانه بسؤال أهل الذكر ولم يخص ذلك بشيء يسألون عنه معصومين فيما يفتون به يقبح الأمر بمسألة الجاهل أو من يجوز عليه الخطأ عن قصد أو سهو وإذا ثبت كون المسئولين بهاتين الصفتين ثبت إمامة الاثني عشر لأنه لا أحد أثبت الصفتين لأحد عداهم وكل من أثبتهما للمذكورين قال بإمامتهم لأن فتياهم إذا كان موجبا للعلم وجب الاقتداء به بحصول الأمان من زللهم وهذا الوجوب برهان إمامتهم فأما من زعم أن المعني بها القراء أو الفقهاء أو اليهود أو النصارى فقولهم باطل لانتفاء الصفتين الثابتتين لأهل الذكر ثم إن الله تعالى سمى نبيه الذكر قوله (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً) فأهل الذكر أولاده المعصومون وقد روي هذا المعنى عن السدي والثوري ووكيع وجابر الجعفي ومحمد بن مسلم وأبي ذرعة ويوسف القطان وهو المروي عن الباقر والصادق والرضا وزيد بن علي ع.
قوله سبحانه :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) فأمرنا سبحانه بالكون مع الصادقين والأمر بالكون معهم في المكان لا فائدة فيه فتقتضي الآية وجوب الاقتداء بهم لأنه أمر مطلق من غير تخصيص وذلك يقتضي عصمتهم لقبح الأمر على هذا الوجه باتباع من لا يؤمن منه من القبيح من حيث يؤدي ذلك إلى الأمر بالقبيح وإذا ثبت ذلك في الآية ثبت تخصيصها بالأئمة المعصومين بالإجماع لأن أحدا من الأمة لم يقل ذلك فيها إلا خصها بهم ولأنه تعالى وصف المأمور باتباعهم بالصدق عنده وذلك مانع من توجهه إلى من يجوز عليه الكذب لأن جوازه يمنع من القطع بالصدق عند الله تعالى فإذا ثبت أيضا لهذا الاعتبار عصمتهم ثبت تخصيص الذكر في الآية بأئمتنا ع ولأنه تعالى وصفهم بالصدق فيمنع ذلك من كذبهم من حيث كان حصوله منهم يقتضي وصفهم به وذلك مناف لخبره تعالى.