يكون إلا عدم إثبات مظنونه به تعبدا ، ليترتب عليه آثاره شرعا ، لا ترتيب (١) آثار الشك مع عدمه ؛ بل لا بد حينئذ (٢) في تعيين أن الوظيفة أيّ أصل من الأصول العملية
______________________________________________________
خلاف الحالة السابقة ؛ وذلك لعدم الشك ، ولم يترتب عليه أثر الظن أيضا لأنه ليس بحجة على الفرض ، ولازم ذلك هو : الرجوع إلى سائر الأصول العملية.
وبعبارة أخرى : أن مقتضى عدم اعتبار ظن ليس عقدا إيجابيا وهو ترتيب آثار الشك المتساوي طرفاه على وجود الظن غير المعتبر حتى يجري فيه الاستصحاب الذي هو من آثار هذا الشك ؛ بل مقتضاه عقد سلبي ، وهو عدم ثبوت المظنون بهذا الظن ؛ ليترتب عليه آثاره الشرعية ، فلو كان متيقنا لطهارة ثوبه مثلا ، ثم شهد عدل واحد بنجاسته ، وقلنا بعدم اعتبار شهادة عدل واحد في الموضوعات ، فإن معنى عدم اعتبار شهادته : عدم ثبوت نجاسة الثوب ؛ بها لا ثبوت آثار الشك بها التي منها الاستصحاب ؛ إذ العقد السلبي لا يستلزم العقد الإيجابي ، وتنزيل الظن غير المعتبر منزلة الشك في الآثار الشرعية.
والخلاصة : فعدم اعتبار الظن ليس معناه ثبوت آثار الشك له ؛ بل معناه عدم ثبوت مضمونه شرعا.
وعليه : فهذا الوجه الثاني لا يصلح لإثبات اعتبار الاستصحاب مع الظن بالخلاف ؛ بل لا بد من الرجوع إلى الوجوه الأخر في إثباته.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في توضيح جواب المصنف في الجواب عن هذا الوجه الثاني من الوجهين الآخرين.
وضميرا «عليه ، وآثار» راجعان إلى المظنون بالظن غير المعتبر ، وضميرا «مظنونه ، به» راجعان إلى الظن غير المعتبر.
(١) عطف على «عدم» ، فإن نفي النفي إثبات ، يعني : أن مقتضى عدم اعتبار الظن عدم إثبات مظنونه به ؛ لا ترتيب آثار الشك عليه ، فقوله : «لا ترتيب» إشارة إلى العقد الإيجابي ، كما أن قوله : «إلّا عدم إثبات مظنونه» إشارة إلى العقد السلبي ، وضمير «عدمه» راجع إلى «الشك».
والمراد بهذا الشك هو : المتساوي طرفاه بناء على كونه هو الظاهر من أخبار الاستصحاب ، والظن غير الشك ، فلا بد في حكم الظن غير المعتبر القائم على خلاف الحالة السابقة من الرجوع إلى غير الاستصحاب ، ففي مسألة الوضوء مع أمارة النوم يرجع إلى قاعدة الاشتغال القاضية بلزوم إحراز الطهارة للصلاة مثلا.
(٢) أي : حين عدم اقتضاء الظن غير المعتبر العقد الإيجابي ، أو حين ظن بخلاف الحالة السابقة.