المقام الأول (١):
أنه لا إشكال في اعتبار بقاء الموضوع ؛ بمعنى : اتحاد القضية المشكوكة مع المتيقنة موضوعا كاتحادهما حكما (٢) ، ...
______________________________________________________
في بقائها ، وقامت بيّنة على طهارته ، فإنه يبني على طهارته للبيّنة لا للاستصحاب ؛ لأن الأصل لا يجري مع الأمارة المعتبرة.
(١) وحاصل الكلام في المقام : أنه لا إشكال في اعتبار بقاء الموضوع في الاستصحاب ؛ لأنه إدامة الوجود السابق في ظرف الشك ؛ إما بالتعبد وإما بغيره.
ثم التعبير ببقاء الموضوع مذكور في كثير من الكلمات ، مع إنه لا بد من بقاء المحمول أيضا ، ولعل الاكتفاء بالموضوع لأجل أهميّته ، أو لكون المراد بقاءه بوصف موضوعيته.
(٢) أي : محمولا ، يعني : يعتبر في الاستصحاب كون القضية المشكوكة عين القضية المتيقنة موضوعا ومحمولا ونسبة كمثال : «زيد عادل» ، من دون اختلاف بين القضيتين إلّا في إدراك ؛ لكونها في إحداهما معلومة ، وفي الأخرى مشكوكة. والخلاصة : فالقضيتان متحدتان في جميع وحدات التناقض إلّا في زمان النسبة باليقين والشك.
وغرضه من التعبير باتحاد القضية المشكوكة مع المتيقنة ؛ بدلا عن التعبير ببقاء الموضوع دفع توهم ، وهو : أن التعبير بالبقاء ظاهر في البقاء الخارجي ، لظهور «البقاء» في استمرار الحادث ، وحينئذ : يختص ذلك بما إذا كان المحمول من الأعراض والمحمولات المترتبة كالقيام والقعود والعدالة والاجتهاد ونحوها ؛ مما يكون موضوعها موجودا خارجيا.
وأما إذا كان المحمول نفس الوجود الذي هو أوّل محمول يحمل على الماهيات ، فاعتبار بقاء الموضوع فيه يغني عن الاستصحاب ؛ إذ مع العلم بوجود زيد في الزمان الثاني لا معنى لاستصحاب وجوده فيه.
وبالجملة : فإشكال التعبير بالبقاء هو اختصاص اعتبار بقاء الموضوع بما إذا كان المحمول من الأعراض والمحمولات الثانوية ، وعدم كونه عاما لجميع الموارد التي منها كون المحمول نفس الوجود كقولنا : «زيد موجود».
وقد أجاب الشيخ «قدسسره» عن هذا الإشكال بما حاصله : من أن المراد ببقاء الموضوع بقاؤه على نحو معروضيته للمستصحب ، ففي استصحاب قيام زيد يكون الموضوع وجوده الخارجي ؛ لأنه كان سابقا معروضا للقيام ، وفي استصحاب وجود زيد يكون الموضوع تقرره الماهوي لا وجوده الخارجي ؛ إذ لا يعقل أن يكون زيد بوجوده