تصلح (١) قرينة على صرفه عما هو ظاهر فيه.
ولا يخفى (٢) : أن النقض وعدمه حقيقة يختلف بحسب الملحوظ من ...
______________________________________________________
وغرضه من هذا البيان : توجيه عدم قدح الاختلاف بين الموضوع الدليلي والعرفي ، مع كون المرجع في فهم الدليل هو العرف أيضا ، وتوضيح هذا التوجيه يتوقف على مقدمة وهي : أن المناسبة بين الحكم والموضوع تارة : تكون لوضوحها كالقرينة الحافة بالكلام المانعة عن انعقاد الظهور في خلاف ما تقتضيه تلك المناسبة ، كما في قولهم «عليهمالسلام» : «إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» ، فإن المناسبة بين انفعال الماء بالنجاسة تقتضي انفعاله بالملاقاة لا مطلقا ولو بالمجاورة ، ولذا لم يفت أحد ظاهرا بانفعاله بالمجاورة ، مع عدم ورود دليل بالخصوص على اعتبار الملاقاة في الانفعال.
وأخرى : لا تكون بذلك الوضوح كمثال : «العنب حلال» أو «إذا غلى يحرم» ، فإن العرف يرى بالنظر البدوي نفس العنب من حيث هو موضوعا للحكم ، ولا يحكم بموضوعية ذاته وكون العنبية والزبيبية من حالاته المتبادلة إلا بعد التأمل في أن الرطوبة واليبوسة في نظر العرف من حالات الموضوع لا من القيود المقوّمة له ؛ بحيث يدور الحكم مدارها ، فمناسبة الحكم والموضوع هنا ليست كالقرينة المتصلة المانعة عن انعقاد الظهور كما كانت كذلك في «إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجسه شيء».
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن المناسبة إن كانت من القسم الأول ؛ بأن تكون كالقرينة الحافة بالكلام اتحد الموضوع الدليلي والعرفي. وإن كانت المناسبة من القسم الثاني ؛ بأن تكون كالقرينة المنفصلة غير المانعة عن انعقاد الظهور ، فلا محالة من تعدد الموضوع الدليلي والعرفي.
(١) إذ لو كانت المناسبات بمثابة تصلح لصرف الدليل عما هو ظاهر فيه من موضوعية العنوان المذكور فيه كالعنب ، وجعله من حالات الموضوع المتبادلة اتحد الموضوع الدليلي مع الموضوع العرفي ، فتعددهما يكون في القسم الثاني من المناسبات.
وضميرا «صرفه ، هو» راجعان إلى «الدليل» ، وضمير «فيه» إلى «ما» الموصول.
هذا تمام الكلام في المقام الأول المتكفل لبيان احتمالات اتحاد القضية المشكوكة مع المتيقنة ثبوتا ، وقد عرفت أنها ثلاثة دليلي وعرفي وعقلي.
(٢) هذا إشارة إلى المقام الثاني أي : مقام الإثبات وتعيين أحد الاحتمالات الثلاثة بحسب اقتضاء الدليل ، حيث إن النقض يختلف باختلاف الموضوع دليلا وعقلا وعرفا ، فيصدق بالنسبة إلى موضوع الدليل مثلا ، ولا يصدق بالنسبة إلى الموضوع العرفي ، فلا