.................................................................................................
______________________________________________________
فلا بد من العمل بأحدهما وطرح الآخر ، فإن أخذ بدليل الأمارة لم يلزم محذور تخصيص دليل الاستصحاب ؛ لأن رفع اليد عن اليقين السابق بالأمارة المعتبرة ليس نقضا لليقين بالشك حتى يخالف دليل الاستصحاب ؛ بل هو نقض اليقين باليقين أي : بالحجة ، فالأخذ بدليل الأمارة جمع حقيقة بين دليلها ودليل الاستصحاب أما الأول : فواضح ، وأما الثاني : فلأنه من مصاديق «ولكن تنقضه بيقين آخر».
وإن أخذ بدليل الاستصحاب في مورد الأمارة : لزم منه محذور تخصيص دليل الأمارة اقتراحا ، أو بوجه دائر والوجه في لزوم هذا المحذور واضح ؛ إذ مع وجود الأمارة لا موضوع للاستصحاب ؛ إذ معها لا يلزم نقض اليقين بالشك حتى يكون موردا للاستصحاب ، فتحقق موضوع الاستصحاب في مورد الأمارة موقوف على إخراجه عن عموم دليل الأمارة ، وتخصيصه بدليل الاستصحاب وهذا التخصيص إما اقتراحي أي : بلا وجه ، وإما دوري ، وكلاهما فاسد ؛ إذ الأول مستلزم لمخالفة عموم دليل الأمارة بلا وجه صحيح يوجب الخروج عن أصالة العموم التي هي من الأصول اللفظية العقلائية المعمول بها.
والثاني : مستلزم للمحال ؛ لأن شمول دليل الاستصحاب لمورد الأمارة منوط بصدق نقض اليقين بالشك ، وكونه كذلك موقوف على إخراجه عن مورد دليل اعتبار الأمارة ؛ وإلّا لم يتحقق موضوع الاستصحاب ، فلو توقف إخراجه عن عموم دليل اعتبار الأمارة على دليل اعتباره لزم الدور ، وهو محال.
وبعبارة أخرى : مخصصيّة دليل الاستصحاب لعموم دليل الأمارة موقوفة على حجيته ، وحجيته موقوفة على مخصصيته ، وهذا دور.
أما توقف المخصصية على الحجية فواضح ؛ إذ التخصيص كالتقييد تصرف في الدليل وهو العام والمطلق ، والمتصرف في الدليل لا بد أن يكون حجة حتى يصلح للتصرف في الدليل ؛ وإلا يلزم رفع اليد عن ظاهر الحجة بغير دليل.
وأما توقف الحجيّة على المخصصيّة ؛ فلأنه لو لم يخصص دليل الاستصحاب عموم دليل الأمارة كانت الأمارة يقينا تعبديا رافعا لموضوع الاستصحاب.
ولا ينعكس الأمر ، فلا يقال : «مخصصيّة دليل الاستصحاب لدليل الأمارة موقوفة على حجية الأمارة ، وحجيتها موقوفة على مخصصية الاستصحاب لها» ، وذلك لأن المقدمة الأولى وإن كانت مسلمة ، إذ التخصيص يرد على ما هو الحجة ؛ لكن المقدمة