تنقض اليقين باليقين» لو سلم أنه يمنع عن شمول قوله «عليهالسلام» في صدره : «لا تنقض اليقين بالشك» لليقين والشك في أطرافه ؛ للزوم المناقضة في مدلوله ضرورة (١):
______________________________________________________
الثاني : ما أشار إليه بقوله : «إلّا إنه لا يمنع».
وتوضيح الوجه الأول في الجواب : أن قوله «عليهالسلام» : «ولكن تنقضه بيقين آخر» ليس حكما تعبديا بجواز النقض باليقين مطلقا ولو إجمالا ؛ حتى يناقض مدلول «لا تنقض» وهو حرمة نقض اليقين بالشك ولو كان مقرونا بالعلم الإجمالي ؛ بل هو حكم عقلي ذكر تأييدا وتأكيدا للنهي وإرشادا إلى أن اليقين لما كان أمرا وثيقا فلا بد من استمرار الجري على مقتضاه وعدم رفع اليد عنه إلى أن يحصل ما هو مثله في الوثاقة والإبرام ، ويتعلق بعين ما تعلق به اليقين السابق ، وليس ذلك إلّا العلم التفصيلي ؛ إذ العلم الإجمالي مشوب بالشك أولا ، وغير متعلق بعين ما تعلق به ذلك اليقين ثانيا ؛ لتعلق العلم التفصيلي بواحد معين أو بصورة تفصيلية معينة ، وتعلق العلم الإجمالي بعنوان «أحدهما» أو بالصورة الإجمالية المرددة بين أمرين ، فيتعدد متعلق العلمين ، فلا يشمل دليل الاستصحاب ـ وهو «لا تنقض اليقين» ـ كلا العلمين.
فوجود الذيل حينئذ كعدمه. وعليه : فلا مانع من الاستدلال بالصدر على جريان الاستصحاب في أطراف العلم الإجمالي ؛ إذ لا موضوع للمناقضة بين الصدر والذيل.
وحاصله الوجه الثاني في الجواب : أنه لو سلم شمول الصدر لأطراف العلم الإجمالي يجاب عن الإشكال بوجه آخر وهو : أنه هناك أخبار في الباب ليس فيها الذيل المذكور أي : «إنما ينقضه بيقين آخر».
وعليه : فإطلاق الخطاب وشموله لأطراف العلم الإجمالي في سائر أخبار الباب محفوظ على حاله ، والمقتضي للجريان محقق لا محالة ، فحينئذ : يشمل عموم «لا تنقض» أطراف العلم الإجمالي من دون محذور ، وإجمال ما اشتمل على الذيل المزبور لا يسري إلى سائر الأخبار الخالية عنه ، ولا يوجب إجمالها لانفصال هذا الذيل عنها وعدم اتصاله بها حتى يصلح لصرفها عن ظاهرها ، فإطلاق الأخبار المجردة عن هذا الذيل محكم ولا مانع من الاستدلال به لجريان الأصول في أطراف العلم الإجمالي. وهذا محصل الجواب الثاني.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في منتهى الدراية.
(١) هذا بيان المناقضة.