لا يخفى : أن مثل (١) قاعدة التجاوز (٢) في حال الاشتغال بالعمل ، وقاعدة (٣)
______________________________________________________
لمباحثها ، لكونها قواعد فقهية أجنبية عن علم الأصول ، ولذا تعرض لها بعنوان التذنيب.
والظاهر : أن ما أفاده صاحب الكفاية من تقديم هذه القواعد الثلاث على الاستصحاب بالتخصيص منوط بكونها أصولا تنزيلية ؛ إذ بناء على كونها أمارات تكون واردة على الاستصحاب.
(١) التعبير بالمثل للإشارة إلى عدم اختصاص البحث بها ، وجريانه في سائر القواعد الجارية في الشبهات الموضوعية كقاعدة الفراش.
(٢) وهي قاعدة مجعولة لحكم الشك في وجود الشيء بمفاد كان التامة بعد الخروج عن محله والدخول في غيره ، والبناء على وجود المشكوك فيه ، وعدم الاعتناء بالشك.
ويدل عليه جملة من الروايات كصحيح زرارة : «إذا خرجت من شيء ودخلت في غيره فشككت ليس بشيء» ، ورواية إسماعيل بن جابر «كل شيء شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه» ، وغير ذلك من النصوص الدالة على ذلك.
وتقريب الدلالة : أن المراد من الشك في شيء : الشك في أصل وجوده ، والمراد من التجاوز عن الشيء الخروج عن محل الشيء والدخول في غيره ، كما إذا شك في وجود جزء الصلاة كالقراءة بعد تجاوز محلها بالدخول في الركوع ، ومقتضى الخبرين : عدم الاعتناء بالشك والبناء على وجوده.
الظاهر أن مراده من قوله : «حال الاشتغال بالعمل» ، خصوصا بقرينة قوله : «وقاعدة الفراغ بعد الفراغ» اختصاص مورد قاعدة التجاوز بالشك في نفس الأجزاء حال الاشتغال بالعمل المركب قبل الفراغ عنه.
ولعل وجهه : عدم إطلاق كلمة «في غيره» في صحيحة زرارة لغير أجزاء المركب من الأعمال الأجنبية عن أجزائه ؛ بل لا بد أن يكون الغير المترتب على المشكوك فيه مثل المشكوك فيه من حيث الجزئية. وعليه : فلا تجري قاعدة التجاوز بعد الفراغ عن العمل.
(٣) «عطف على قاعدة» ، وضمير «عنه» راجع إلى العمل ، وقاعدة الفراغ شرّعت للحكم بصحة العمل الموجود إذا شك في صحته بمفاد كان الناقصة بعد الفراغ عن العمل الذي شك في صحته.
ويدل عليه موثق محمد بن مسلم : «كلّما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو» (١) ، فإن ظهور «فأمضه» في الأمر بالبناء على وجود المشكوك فيه على النحو الذي
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٢ : ٣٤٤ / ١٤٢٦ ، الوسائل ٨ : ٢٣٧ / ١٥٢٦.