هو خصوص ما لم يعلم كذبه ؛ بأن لا يكون المقتضي للسببيّة فيها إلا فيه (١) كما هو (٢) المتيقن من دليل اعتبار غير السند منها (٣) وهو بناء العقلاء على أصالتي الظهور والصدور لا لتقية ونحوها (٤) ، وكذا (٥) السند لو كان دليل اعتباره هو بناؤهم أيضا ،
______________________________________________________
السند فكذلك ؛ إذ الدليل عليها إما السيرة العقلائية على العمل بخبر الثقة وإما إطلاق الآيات والأخبار المتواترة إجمالا ، وشيء منهما لا يصلح لإثبات حجية الخبر المعلوم كذبه.
أمّا السيرة العقلائية : فحالها حال السيرة على أصالتي الظهور والجهة من أن المتيقن من عمل العقلاء هو عملهم بخبر الثقة المحتمل للصدق والكذب ، وإن لم يكن العمل به لأجل طريقيته إلى الواقع ، بل لحدوث مصلحة أو مفسدة في المؤدى.
وأما الأدلة اللفظية ـ كمفهوم آية البناء وجملة من الأخبار الإرجاعية ـ فمقتضى إطلاقها وإن كان حجية كل خبر حتى معلوم الكذب ؛ لكن أصل الإطلاق ممنوع ؛ لظهورها في كون المصلحة في العمل بالخبر الذي لم يعلم مخالفته للواقع ، فإن هذه الخطابات ملقاة إلى العرف ، ومن المعلوم : عدم بنائهم على العمل بالأمارة عند العلم. بالخلاف لا يبعد ظهورها في حجية الخبر المفيد للظن أو الاطمئنان ، وعدم كفاية احتمال الصدق والكذب.
وبالجملة : مفاد أدلة الاعتبار ـ بناء على الموضوعية والطريقية ـ واحد في جريان أصالة الصدور والدلالة والجهة ، وأن المصلحة تكون في العمل بالأمارة عند عدم العلم بالخلاف ، فلا مقتضي لحجيّة كليهما حال التعارض حتى يندرجا في باب التزاحم كما هو حال بعض الصور الآتية ؛ بل الحجة أحدهما لا بعينه كما هو الحال على الطريقية.
(١) أي : في خصوص ما لم يعلم كذبه ، وضمير «فيها» راجع إلى الأمارات.
(٢) أي : كون الحجة ما لم يعلم كذبه لا تفصيلا ولا إجمالا المتيقن.
(٣) أي : من جهات الأمارات وهي : الدلالة والجهة والسند.
يعني : كما أن الحجة خصوص ما لم يعلم كذبه هو المتيقن من دليل اعتبار غير السند من الجهة والدلالة من الأمارات إن كان ذلك الدليل بناء العقلاء على أصالتي الظهور والصدور لبيان الواقع ، لا لتقية. فلو علم بالخدشة في أحد الظهورين أو بالصدور تقية في أحد الخبرين لم يدل دليل الاعتبار على الحجية.
(٤) من المصالح الأخر ؛ كعدم استعداد المخاطب لإلقاء الحكم الواقعي إليه.
(٥) عطف على «غير» ، يعني : وكما هو المتيقن من دليل اعتبار السند لو كان دليل