مهما أمكن أولى من الطرح ؛ إذ (١) لا دليل عليه فيما لا يساعد عليه العرف مما كان المجموع أو أحدهما قرينة عرفية على التصرف في أحدهما بعينه أو فيهما ، كما عرفته في الصور السابقة (٢).
______________________________________________________
ومنها : أن الأصل في الدليلين الإعمال ، فيجب الجمع بينهما مهما أمكن لاستحالة الترجيح من غير مرجح ، كما ذكره ثاني الشهيدين «قدسسرهما» ، وغيره.
ومنها : ما ذكره الشيخ في الرسائل بقوله : «وأخرى : بأن دلالة اللفظ على تمام معناه أصلية ، وعلى جزئه تبعية ، وعلى تقدير الجمع يلزم إهمال دلالة تبعية وهو أولى مما يلزم على تقدير عدمه ، وهو إهمال دلالة أصلية» (١).
والكل مخدوش ؛ إذ في الأول : عدم حجيته ؛ لعدم حجية الإجماع المنقول سيما مع العلم بعدم تحققه ؛ لما مر من حكم المتعارضين على الطريقية وعلى بعض أنحاء السببية هو التساقط.
وفي الثاني : أن مقتضى دليل الاعتبار في كل من المتعارضين وإن كان هو لزوم إعمالهما ؛ لكنه يلزم إعمالهما بنحو يساعد عليه العرف ؛ لأنهم المخاطبون بالخطابات الشرعية.
فالنتيجة : أن الجمع لا بد أن يكون بمساعدة العرف لا مطلقا.
وفي الثالث : أن الجمع إن كان لمساعدة العرف كما في مثل العام والخاص فهو حق ؛ لكن ليس للأولوية المزبورة. وإن كان لغير مساعدة العرف فالأولوية ممنوعة ؛ لعدم دليل عليها ، وما ذكر مستندا لها مجرد استحسان لا يعبأ به ما لم يوجب أظهرية أحد المتعارضين من الآخر.
(١) تعليل لقوله : «لا الجمع بينهما» ، وقد أجاب عنه بوجهين :
أحدهما : عدم الدليل على الجمع المزبور ؛ لما عرفت : من ضعف أدلة أولوية الجمع بين الدليلين.
الوجه الثاني : ما أشار إليه بقوله : «مع إن في الجمع كذلك ...» الخ.
وحاصله : أن غرض القائل بأولوية الجمع من الطرح إعمال مقتضى الأصل ، وهو الجمع بين الدليلين والفرار من محذور طرح أحدهما في أحدهما ، أو كليهما مستلزم لسقوط أصالة الظهور في أحدهما أو كليهما.
(٢) من موارد الجمع العرفي كالعام والخاص والمطلق والمقيد والنص أو الأظهر
__________________
(١) فرائد الأصول ٤ : ٢٠.