ولا وجه (١) لدعوى تنقيح المناط ، مع (٢) ملاحظة أن رفع الخصومة بالحكومة في صورة تعارض الحكمين وتعارض ما استندا إليه من (٣) الروايتين لا يكاد (٤) يكون إلّا بالترجيح ، ولذا (٥) أمر «عليهالسلام» بإرجاء الواقعة إلى لقائه «عليهالسلام» في
______________________________________________________
مقام التخاطب ، والمفروض : وجوده وهو مسألة الحكومة ، والإطلاق المترتب على مقدمات الحكمة لا يتحقق إلا بتمامية تلك المقدمات.
(١) هذا إشارة إلى ضعف الوجه الثاني للتعدي عن الحكومة إلى مقام الفتوى ، وهو تنقيح المناط الموجب للتعدّي عن باب الحكومة إلى مقام الفتوى.
(٢) هذا وجه منع تنقيح المناط : ومحصله : وجود الفرق بين المقامين المانع عن حصول العلم بالمناط ، حيث إن رفع الخصومة في صورة تعارض الحكمين منوط بترجيح أحد الحكمين على الآخر ؛ إذ لا تنقطع الخصومة بالتخيير ؛ لإمكان أن يختار كل من المتخاصمين غير ما اختاره الآخر ، وذلك يوجب بقاء المنازعة لا ارتفاعها.
وبالجملة : فالحاسم لمادة الخصومة هو الترجيح دون التخيير. هذا بخلاف الفتوى ، فإنها لا تتوقف على الترجيح ؛ إذ لا مانع من الإفتاء بأحد الخبرين تخييرا ؛ كأن يفتي بوجوب إحدى الصلاتين : الظهر والجمعة تخييرا في عصر الغيبة.
والحاصل : أن هذا الفرق بين الحكم والفتوى مانع عن حصول العلم بوحدة المناط بينهما حتى يتحدا في لزوم الترجيح بالمرجحات.
(٣) بيان ل «ما» الموصول ؛ إذ المفروض : كون منشأ تعارض الحكمين تعارض الروايتين.
(٤) خبر «أن» في قوله : «أن رفع الخصومة» ، وقوله : «إلّا بالترجيح» في قبال التخيير الذي يؤدي إلى بقاء النزاع.
(٥) يعني : ولأجل توقف فصل الخصومة على ترجيح أحد الخبرين ـ اللذين هما مستندا حكمي الحاكمين ـ لم يأمر الإمام «عليهالسلام» بالتخيير ، كما أمر به في المرفوعة بقوله : «إذن فتخير أحدهما» ؛ بل أمر «عليهالسلام» بإرجاء الواقعة إلى لقائه «عليهالسلام» في صورة تساوي الخبرين ، فلو لم يكن فرق بين الحكم والفتوى لم يأمر بالتوقف وتأخير الواقعة إلى زمان اللقاء.
وعليه : فلزوم الترجيح في المقبولة ثم التوقف عند تكافؤ المرجحات لا يعارض إطلاقات التخيير المتقدمة ، فإن مورد المقبولة هو القضاء وفصل الخصومة الذي يتعيّن فيه الترجيح أو التوقف المحدود إلى زمان ملاقاة الإمام «عليهالسلام».