البيان عن وقت الحاجة ـ وكان من الواضح أن ذلك (١) فيما إذا لم يكن هناك مصلحة في إخفاء الخصوصات ، أو مفسدة في إبدائها ؛ كإخفاء (٢) غير واحد من التكاليف في الصدر الأول ـ لم يكن (٣) بأس بتخصيص عموماتهما بها.
______________________________________________________
الحقيقي ، وهو رفع الحكم الواقعي الفعلي الثابت ؛ بل ليس العام إلّا حكما ظاهريا من دون أن يكون حكما فعليا ثابتا واقعا ومرادا جدّيا ؛ بل الحكم الثابت واقعا هو مقتضى الخصوصات.
ولا بأس بإرادة النسخ بهذا المعنى بعد اقتضاء المصلحة عدم بيان الحكم الواقعي المطابق لتلك الخصوصات.
ثالثها : أن العمومات كانت مقرونة بقرائن تدل على الحكم الواقعي الذي هو مقتضى الخصوصات ، وكان عمل السابقين على طبق الخصوصات ؛ لكن خفيت تلك القرائن على أهالي الأعصار المتأخرة ، ولذا بيّن لهم الأئمة المعصومون «عليهمالسلام» تلك الخصوصات.
فمرجع هذا الوجه إلى كشف تلك الخصوصات عن عمل السابقين بمقتضياتها ، وعدم عملهم بالعام ، فلا يلزم النسخ ولا تأخير البيان عن وقت الحاجة حتى يوجه ذلك بعدم لزوم القبح من هذا التأخير لأجل المصلحة في إخفاء الخصوصات أو المفسدة في إبدائها.
وأوجه الوجوه الثلاثة التي ذكرت في دفع الإشكال هو الوجه الأول أعني : التخصيص ، ودفع محذور قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة بمصلحة الإخفاء أو مفسدة الإظهار.
ويؤيد هذا الوجه : بيان الأحكام تدريجا في صدر الإسلام ، وعدم اقتضاء المصلحة بيانها دفعة حتى ورد أن المسلمين في أوّل ظهور الإسلام لم يكلّفوا إلّا بالتوحيد واعتقاد الرسالة إلى عشر سنين. والمشار إليه في «ذلك» هو اعتبار عدم حضور وقت العمل بالعام في التخصيص.
(١) أي : قبح تأخير البيان يكون في مورد عدم الجبران ، وأمّا في مورد الجبران فلا قبح ، والمراد بوقت الحاجة العمل بالعام.
وعليه : فليس تأخير البيان قبيحا ذاتيا كقبح الظلم. حتى لا يتغير عما هو عليه ؛ بل هو كالكذب في كونه مقتضيا للقبح ، ولذا يرتفع لو زوحم بما هو أهم منه كحفظ النفس ونحوه.
(٢) هذا تشبيه بالمنفي ، وضمير «إبدائها» راجع إلى «الخصوصات».
(٣) جواب قوله : «حيث كان» ، يعني : بعد أن كان وجه قبح التخصيص بعد