والعجب كل العجب أنه (١) «رحمهالله» لم يكتف بما أورده من النقض حتى ادعى استحالة تقديم الترجيح بغير هذا المرجح (٢) على الترجيح به ، ...
______________________________________________________
أما الأدلة العامة فلما مرّ آنفا. وأما الأخبار العلاجية فلأنها لا تقتضي إلّا حجية أحدهما تعيينا أو تخييرا ، فلا محيص عن إرادة إمكان حجيّة المتكافئين صدورا لا فعليتها.
فصارت النتيجة : أن مراد الشيخ «قدسسره» إمكان حجية المتعارضين ، سواء كانا متكافئين صدورا أم مختلفين كذلك ؛ إلّا إن تفرّع جهة الصدور على أصل الصدور ، وكذا الأخبار الآمرة بالترجيح بالمرجح الصدوري أوجبا ارتفاع إمكان شمول دليل الاعتبار للمرجوح في غير المتكافئين ؛ لوجود المرجّح الصدوري في غير المرجوح الموجب لشمول دليل التعبد للراجح صدورا وإن كان موافقا للعامة ، دون المرجوح صدورا وإن كان مخالفا للعامة.
هذا بخلاف صورة تكافؤ المتعارضين صدورا ؛ لبقاء إمكان شمول دليل الحجية لهما مع الغض عن المرجّح الجهتي ، وإيراد الميرزا الرشتي «قدسسره» مبنيّ على اعتبار التعبد الفعلي بصدورهما في مورد الترجيح بالمرجح الجهتي مع تكافئهما صدورا ، وقد عرفت : أن مراد الشيخ إمكان التعبد بالمتعارضين لا فعليته.
برهان امتناع تقديم المرجّح الصدوري على الجهتي
(١) إن بعض الأعاظم من تلاميذ الشيخ وهو المحقق الرشتي «لم يكتف بما أورده من النقض».
ومحصل ما أفاده من دعوى استحالة تقديم المرجّح السندي على الجهتي خلافا للشيخ ـ القائل بتقدم الأرجح صدورا إذا كان موافقا للعامة على غيره وإن كان مخالفا للعامة ـ هو القطع بعدم إمكان شمول دليل اعتبار الخبر للخبر الموافق للتقية ؛ لدوران أمره بين عدم صدوره رأسا وبين صدوره تقية. وعلى التقديرين لا يعقل حجيته كعدم تعقل حجيّة الخبر الموافق للعامة إذا كان قطعي الصدور ؛ لامتناع التعبد بصدور ما علم بصدوره وجدانا ؛ بل صحة التعبد به منوطة بالشك في صدوره.
(٢) أي : المرجح الجهتي ، والمراد بغيره هو المرجّح الصدوري. وضمير «به» راجع على «هذا المرجح» وهو المرجّح الجهتي.
غرضه : دعوى استحالة تقديم المرجح الصدوري على الجهتي ، وهذا التقديم هو مدعى الشيخ.