كيف (١)؟ وقد اجتمع مع القطع بوجود جميع ما اعتبر في حجية المخالف لو لا (٢) معارضة الموافق والصدق (٣) واقعا لا يكاد يعتبر في الحجية كما لا يكاد يضر بها
______________________________________________________
عن هذا الوجه الثالث بوجهين : أحدهما : صغروي ، والآخر : كبروي. وما أفاده بقوله : «لا يكون لازمه» إشارة إلى الوجه الأول ومحصله : أن مجرّد مطابقة أحد الخبرين لأمارة غير معتبرة لا تستلزم الظن بوجود خلل في الخبر الآخر لا في صدوره ولا في جهة صدوره ، كيف توجب هذه المطابقة الظن بوجود خلل في الخبر الآخر المعارض له؟ مع القطع بوجود جميع شرائط الحجية في الخبر المخالف للأمارة الخارجية غير المعتبرة ـ لو لا معارضته للخبر الموافق لتلك الأمارة ـ ضرورة : امتناع اجتماع القطع بحجيته مع الظن بوجود خلل في صدوره أو جهته ؛ بحيث يكون المانع عن حجيته منحصرا في هذه المعارضة.
(١) هذا إنكار للاستلزام المزبور المدعى في كلام الشيخ «قدسسره» ، يعني : كيف يوجب مجرّد المطابقة لأمارة غير معتبرة الظن بالخلل في الخبر المعارض ، مع القطع بوجود جميع شرائط الحجية فيه لو لا ابتلاؤه بمعارضة الخبر الموافق للأمارة غير المعتبرة؟ لامتناع القطع بحجية الخبر المخالف مع الظن بوجود خلل فيه.
(٢) قيد لحجية الخبر المخالف.
وغرضه : أنه لا مانع من حجية المخالف إلّا معارضة الخبر الموافق لأمارة غير معتبرة له.
(٣) إشارة إلى الإشكال الثاني الوارد على كلام الشيخ «قدسسره» ، وهذا الإشكال كبروي ؛ لرجوعه إلى عدم قدح الظن بالخلل ـ في الخبر المخالف ـ في حجيته بعد تسليم الاستلزام المزبور ؛ وذلك لأن القدح المذكور مبنيّ على اعتبار الصدق واقعا في حجية الخبر ، ومانعيّة الكذب واقعا عن حجيته حتى يكون الظن بكذب الآخر واقعا موجبا للظن بخلل في حجيته.
والسرّ في ذلك : أن حجية الأخبار عندهم تكون من باب الظن النوعي الذي لا يقدح في اعتباره الظن بالخلاف ؛ بل يكفي في الحجية احتمال الصدق ، فلا يضر معه احتمال الكذب واقعا ، ومن المعلوم : أن مطابقة أحد الخبرين للمرجّح المضموني لا يجعل الخبر الآخر معلوم الكذب ؛ بل غايته حصول الظن به ، وقد تقدم كرارا : أن موضوع التعبّد بأدلة الاعتبار هو غلبة الإصابة بالواقع نوعا.
واحتمال الإصابة شخصا ، ولا ريب في وجود هذا المقدار في الخبر الفاقد للمزية ، ولا يقتضي الظن بكذبه خروجه عن دائرة الحجية.