______________________________________________________
التذكرة (١) ، وما ذكره من التوجيه غير مستلزم للمدعى.
ويمكن توجيهه بأنه لما استحق المنافع بالعقد الوارد على العين أو الذمة ، وبذل المؤجر متعلق الإجارة وجب على المستأجر قبوله ، لأنه مال له استحقه بالعقد وقد بذل على وجهه وخلّى بينه وبينه ، فإذا مضت مدة يمكن فيها الاستيفاء كان تلفه منه على حد ما لو بذل له دينه الحال حيث يجب قبوله ، وخلّى بينه وبينه فلم يأخذه حتى تلف فإنه يكون من صاحب الدين كما سبق في البيع.
وهذا واضح ، لكن لو كانت الإجارة على عمل الحر فبذل نفسه للمستأجر فتسلمه ، أو لم يتسلمه لكن خلّى بينه وبين العمل مدة يمكن فيها استيفاؤه ، ففي الحكم إشكال ينشأ : من أن منافع الحر لا تدخل تحت اليد بخلاف غيره ، ومن استحقاقها مدة بذلها له فيكون تلفها منه ، لأن المنافع أموال وقد ملكها ، فإذا تلفت كان تلفها منه. وهذا قوي واختاره المصنف في التذكرة (٢).
لكن يرد عليه : إن الدين إنما يتعين بقبض صاحبه ، فإذا امتنع منه فلا بد من قبض الحاكم ، فإن تعذر فبذله المديون وخلى بين الدين وبينه فتلف كان من ضمانه.
وعلى هذا فحقه أن لا يكون بمجرد بذل الحر نفسه للعمل ، حيث لا يقبل المستأجر بحيث لا يتعين له ، وبذل العين المؤجرة حيث لا يقبلها المستأجر تلف المنافع المذكورة منه ، ويستقر الأجر عليه إذا مضت مدة يمكن فيها الانتفاع. إلا أن يتشخص الزمان فإنها حينئذ تجري مجرى الحق المعين المتشخص الذي إذا بذل لمالكه فأبى ، أخذه. وقد خلى بينه وبينه فتلف ،
__________________
(١) التذكرة ٢ : ٣١٨.
(٢) التذكرة ٢ : ٣٢٦.