المقصد الثاني : في المزارعة ، وفيه فصلان :
الأول : في أركانها ، وهي أربعة :
الأول : العقد ، المزارعة : مفاعلة من الزرع ، وهي معاملة على الأرض بالزراعة بحصة من نمائها.
______________________________________________________
وهذا الذي ذكره يمكن أن يرد عليه أمران :
أحدهما : إن الاختلاف الذي لا تترتب عليه فائدة أصلا ، ولا يكون فيه إلا محض تجرع مرارة اليمين ، وامتهان اسم الله العظيم بالحلف به لغير مصلحة لا يكاد يقع ممن يعقل ، ومع الفائدة فالمحذور قائم.
الثاني : إن تقديم قول مدعي الصحة إنما يتحقق على ما بينّاه ، حيث يتفقان على حصول أركان العقد ويختلفان في وقوع المفسد ، فإن التمسك لنفيه بالأصل هو المحقق لكون مدعي الصحة منكرا ، دون ما إذا اختلفا في شيء من أركان العقد فإنه لا وجه للتقديم حينئذ.
وبهذا يتبين أن مدّعي الصحة هنا لا يقدم قوله على حال من الأحوال ، لأن الاختلاف وقع في ركن العقد وهو تعيين الأجرة ، فيكون ادعاؤه كادعاء أصل العقد.
وعدم تفاوت الأجرة واجرة المثل لا يكون مصححا لتقديم قوله باليمين ، غاية ما في الباب أن الاختلاف حينئذ لا تظهر له ثمرة.
واعلم أنه قد يقال : إن قوله : ( لو ادعى أجرة معلومة ) مغن عن
قوله : ( أو عوضا معينا ) فالتعرض إليه لا فائدة فيه.
قوله : ( المزارعة : مفاعلة من الزرع ، وهي معاملة على الأرض بحصة من نمائها ).