ولو آجرها لزرع ما شاء صح ، ولو عيّن اقتصر عليه وعلى ما يساويه ، أو يقصر عنه في الضرر على إشكال.
______________________________________________________
قوله : ( ولو أجرها ليزرع ما شاء صح ، ولو عيّن اقتصر عليه وعلى ما يساويه ، أو يقصر عنه في الضرر على إشكال ).
الإشكال في العدول عن المعين إلى المساوي والأقل ضرراً ، ومنشؤه من أن المنافع إنما تنتقل على حسب مقتضى العقد ، والفرض أنه لم يقع إلاّ على الوجه المعين فلا يجوز تجاوزه. ومن أن المعقود عليه منفعة الأرض ، ولهذا يستقر العوض بمضي المدة إذا سلّم الأرض فلم يزرعها.
وذكر المعين إنما كان لتقدير المنفعة فلم يتعين ، كما لو استأجر داراً ليسكنها كان له أن يسكنها غيره ، وفارق المركوب والدراهم في الثمن فإنهما معقود عليهما فتعينا. والذي اقتضاه العقد هنا هو تعيين المنفعة المقدّرة بذلك المعين ، وقد تعينت دون ما قدرت به. كما لا يتعين المكيال والميزان في المكيل والموزون ، وهذا هو المشهور بين عامة الفقهاء. والأول أقوى دليلاً وأوضح حجة واختاره الشيخ في المبسوط (١) ، وهو الأصح.
وما ذكره في الوجه الثاني من أن المعقود عليه منفعة الأرض ، إن أراد به على وجه مخصوص فهو حق ، لكن يجب أن لا يجوز تجاوزه ، وإن أراد مطلقاً فغير واضح ، واستقرار الأجرة بمضي المدة ليس لكون المعقود عليه المنفعة مطلقاً ، بل لكون المعقود عليه قد تمكّن من استيفائه ببذل العين له وتسلمه إياها فكان قابضاً لحقه ، ولأن المنفعة قد تلفت تحت يده فكانت محسوبة عليه.
وقوله : ( إنّ ذكر المعين إنما كان لتقدير المنفعة ) ليس بشيء ، وكيف يكون كذلك والغرض قد يتعلق بزرع المعين ، ومثل ذلك آت في الاستئجار للسكنى فيكون الأصل ممنوعاً.
__________________
(١) المبسوط ٣ : ٢٦٣.